تحقيقات - ملفات

روسيا تُسقط القناع الأمريكيّ.. كيف تحول مجلس الأمن إلى ساحة حرب؟

الوقت- بعد أن تقدمت موسكو التي تترأس جلسات مجلس الأمن الدوليّ هذا الشهر، بمبادرة لتقديم المدير العام الأسبق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة، جوزي بوستاني، تقريراً حول إتلاف السلاح الكيميائيّ في سوريا، صوتت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإستونيا وبلجيكا ضد المبادرة الروسيّة، لمنع الأخير من تقديم تقريره المهم خلال جلسة تتعلق بسورية، الاثنين المنصرم.

وادعى القائم بأعمال المندوب البريطانيّ الدائم في الأمّم المتحدة، جوناثان آلين، أنّ هدف بلاده يتمثل بالنظر في مدى تطبيق قرار المجلس رقم (2118) الصادر عام 2013، بشأن إتلاف برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، معتبراً أنّ هذا الموضوع لا يخص بوستاني، الذي ترأس منظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة حتى العام 2002، لكنه أُقيل من منصبه بسبب خطة أمريكيّة مدبرة، مع التأكّيد على أنّ منظمة العمل العالميّة اعترفت بأنّ قرار الإقالة لم يكن قانونيّاً.

ردٌ مزلزل

في رد روسيّ مُزلزل على تصويت 6 دول أوروبيّة ضد الاستماع إلى تقرير المدير العام الأسبق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة خلال جلسة لمجلس الأمن الدوليّ، قام مندوب روسيا الدائم لدى الأمّم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، بقراءة ذلك التقرير بنفسه.

وفي هذا الصدد، فضح التقرير المؤامرة الأمريكيّة التي أدت إلى إقالة بوستاني، الذي أشار إلى أنّ التحقيقات الخاصة باستخدام السلاح الكيميائيّ أصبحت تحدياً كبيراً لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة، مُشككاً بحياديّتها ومهنيّتها بسبب الضغوط التي تمارسها بعض الدول على المنظمة.

يذكر أنّ المندوب الروسيّ الدائم في الأمّم المتحدة، اعتبر أنّ الدول الأوروبيّة التي رفضت الاستماع إلى التقرير، دخلت اليوم في تاريخ مجلس الأمن الدوليّ الذي لم يصوت في السابق أبداّ على حضور أو غياب المقررين الذين تعرضهم الدولة التي تترأس الجلسة، في إشارة إلى بلاده.

ومن الجدير بالذكر، أنّ الدبلوماسيّ البرازيليّ، جوزي بوستاني، ما زال مُصراً منذ 17 عاماً على أنّه كان بإمكانه أن يساعد في تجنب الغزو الذي شنّته الولايات المتحدة على العراق عام 2003، ما أدى إلى احتلال العراق عسكرياً من قبل الولايات المتحدة بمساعدة دول أخرى مثل بريطانيا وأستراليا وبعض الدول المتحالفة مع أمريكا، بحسب تعريف مجلس الأمن لتلك الواقعة في قانونه رقم (1483)، ويؤكّد بوستاني أنّ تلك الحرب كانت عديمة الجدوى للعراق وأفرزت تداعيات رهيبة عليه.

من ناحية أخرى، شكلت القوات العسكريّة التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا نسبة %98 من تحالف الغزو، الذي سببت أكبر خسائر بشريّة بين المدنيين العراقيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكيّ منذ عدة عقود نتيجة المقاومة الشعبيّة العراقيّة، رغم عدم وجود أيّ دليل على امتلاك العراق اسلحة دمار شامل في ذلك الوقت، بحسب تصريحات لقادة ألمانيا وفرنسا ونيوزيلندا، فيما انتهى الاحتلال الأمريكيّ للعراق بشكل رسميّ عام 2011.

جذور القضيّة

جوزي بوستاني، هو أول مدير عام لمنظمة حظر الأسلحة الكيمائيّة، وهي منظمة حكوميّة دوليةّ أنشأت عام 1997، للإشراف على عمليات القضاء على تلك الأسلحة والتحقق منه، لكن فترة ولايته الثانية انتهت بطريقة مثيرة للجدل، في آذار عام 2002، بعد اقتراح تقدمت به واشنطن ووافقت عليه 48 دولة في المنظمة، فيما رفض الاقتراح 7 دول وتحفظت عليه 43 دولة، رغم إعادة انتخابه لرئاسة المنظمة بالإجماع، قبل قرار إقالته بعام تقريباً، وأصبح أول رئيس لمنظمة دوليّة يقال من منصبه بهذه الطريقة.

وفي هذا الخصوص، زعمت الحكومة الأمريكيّة حينها أنّ الأسباب الرئيسة لإقالة بوستاني، تتعلق بسوء الإدارة، والاستقطاب والسلوك الصداميّ، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكيّ جورج بوش، كانت على خلاف عميق مع جهود الدبلوماسيّ البرازيليّ، من أجل توقيع العراق على معاهدة “حظر انتشار الأسلحة الكيمائيّة” وخضوعه لعمليات تفتيش دوليّة قبل الغزو الأمريكيّ.

وبناء على ذلك، كان من شأن تلك الخطوة، أن تُرغم نظام صدام حسين، على تقديم معلومات حول ترسانته من الأسلحة، إضافة إلى الموافقة على عمليات تفتيش دوليّ لتدمير أيّ مخزون منها.

ومع موافقة كل من العراق وليبيا على الانضمام لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيمائيّة، كان بالإمكان أن يحدث التفتيش، أواخر العام 2002، لكن الأمريكيين كانوا غاضبين من السماح لمفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من دخول العراق، فعدم وجود أسلحة كيميائيّة كان سيضعف إلى حد كبير من الحجة الأمريكيّة لغزو العراق، وهذا ما كان يتعارض مع مصالح واشنطن، وفق بوستاني.

في النهاية، استطاعت روسيا فضح منهج الولايات المتحدة في تبرير حروبها المجنونة التي تدمر بلداناً بكاملها غير آبهة بأرواح ملايين الأبرياء، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لإدانة دمشق باستخدام الأسلحة الكيمائيّة، رغم أنّها فككتها قبل عدة أعوام، دون وجود أيّ دليل على استخدامها من قبل الحكومة السوريّة التي اعتبرت أنّ الاتهامات الموجهة إليها مضللة وتتضمن استنتاجات مزيفة ومفبركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى