الحدث

عون يرفضُ تسميةَ ميقاتي

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

القضيةُ الحكوميّة دخلت مرحلة الجمود القاتل. الفرنسيون انكفأوا عن تولّي أي دورٍ منذ إعتذار السفير مصطفى أديب عن تأليفِ الحكومة. مُذ ذاك لم يُسمع لهم “حِسّ” داخلياً، لا كلام مع أحد لا بالمباشر ولا عِبر وسيط. آخر ما أبلغوه إلى الجانب اللبناني أن عليكم التوافق حول تسمية رئيس جديد للحكومة وما علينا سوى “التّدقيق ثم التأييد”.

هكذا، توقّفت العجلة الحكومية عن الدوران. الموقف الفرنسي إنعكسَ جموداً داخلياً على مستوى المقار المعنية. جمودٌ إضافي يحكمه الانتظار. المهلة الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومدّتها 6 أسابيع انقضى منها حتى الآن إسبوعان فيما الأربعة المتبقية مرشحة للخضوع لنفس السيناريو.

أصدقاءُ الفرنسيين في بيروت، يقولون أن باريس مشغولة في متابعة الصراع المستجد في القوقاز بين أذربيجان وأرمينيا، وكأنهم يقولون أن الملف اللبناني لم يعد أولويّة. مع ذلك، يكشفون أن الفريق “الباريسي” الموكل إدارة الملف اللبناني أدرجَ على قائمة التغيير بعد المراجعة الداخلية الفرنسية التي أجريت حول أسباب سقوط مبادرتها، أي أننا أمام “مهلة إنتظار” ريثما يجري الانتهاء من تعيين البدلاء.

إلى ذلك الحين ما زال التخبّط سيّد الموقف لبنانياً. المبادرة التي أطلقها سابقاً الرئيس نجيب ميقاتي وقوامها تأليف حكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً (16 إختصاصياً و 6 سياسيين) سقطت هي الأخرى بضربة ثلاثية تناوب على آدائها كل من لقاء رؤساء الحكومات السابقين الاربعة، قصر بعبدا والثنائي الشيعي، مما دفع ميقاتي إلى طلب سحب اسمه من التداول الإعلامي. ويسأل ميقاتي في البداية عن ضرب مبادرته التي لم يخضعها لأي دور تنسيقي ولم يدرجها على قوائم التسويق مفضّلاً ابقائها مادة في الإعلام.

ميقاتي، اشترط بحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، نيل الغطاء من رؤساء الحكومات السابقين الأربعة كي يستمر في طرح مبادرته. بالاضافة إلى ذلك، كان يشترط من أجل المضي قدماً بإقتراحه، ربط تأليف الحكومة بضمانات حول تأمين مساعدات للبنان توزّع عبر الحكومة اللبنانية وليس الـ NGOs. الشرط الأول لم يصل إليه، بدليل أن النقاش الذي جرى مع زملائه في النادي لم يكن مشجعاً، ثم أن الأفق لم يظهر أنه على استعداد لتقديم أي ضمانات. بنتيجة ذلك طلب ميقاتي سحب اسمه من التداول.

ثمة أمر إضافي لا يقل أهميةً عما تقدم. رئيس الجمهورية ميشال عون بصفته شريكاً في التكليف والتأليف لم يتلقف مبادرة ميقاتي بشكل إيجابي، بل أبدى برودة وعدم رغبة حيالها.

ذريعة القصر عدم الثقة بأدوار ميقاتي. فضلاً عن ذلك، يميل القصر في حال استقر الرأي عند تسمية من داخل “الرباعي السني”، أن يُطرح إسم الحريري دون سواه. موقف عون، أسهم في التقليل من حظوظ ميقاتي إلى الحدود الدنيا.

الضربة الثالثة أتت من الثنائي الشيعي. صحيح أنه نظر إلى مبادرة ميقاتي على أساس أنها خرق مصدره “رؤساء الحكومات السابقين الاربعة”، مع ذلك لم يبدِ رغبة في تولي ميقاتي أي دور راهناً، مفضّلاً إعادة التفويض إلى الرئيس سعد الحريري، وإذا كان ولا بد، بحسب مصدر مطلع على موقف الثنائي، أن ينال “ميقاتي تفويضاً صريحاً من الحريري كي نقبل السير به” وهو ما لم يتمكن من الحصول عليه.

بناء على كل ذلك ومع غياب أي اسم جدّي، بات من المستبعد أن تتم الدعوة إلى استشارات نيابية هذا الاسبوع والأمر ذاته ينسحب على الاسبوع المقبل إذا ما كان سيمتد إلى ما بعد المقبل وإنتهاءاً عند تآكل كامل المهلة الفرنسية. معنى ذلك أننا أمام سيناريو خطير قد يحول دون تأليف حكومة لأشهر!

البديل المنطقي حالياً بالنسبة إلى الرئيس عون وبمستوى أقل لدى الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر ريثما تتبلور الصورة، هو إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب. شيء من هذا القبيل جرى تداوله أثناء رحلة الرؤساء الثلاثة إلى الكويت، لذلك بدأ العمل على محاولة تكوين “اتفاق إطار” يرعى هذا العملية مستنداً إلى جو إيجابي مصدره سفراء غربيين معتمدين فى لبنان سبق وابلغوا إلى أكثر من مرجع بضرورة تنشيط عمل الحكومة المستقيلة لأن المقبل على لبنان ليس سهلاً.

أمر من هذه القبيل سيتسبب بطبيعة الحال بإثارة حفيظة رؤساء الحكومات السابقين الأربعة. هؤلاء الذين لم يحظَ أي منهم بغطاء خارجي أو داخلي ليشكل الحكومة بإستثناء الحريري الذي حظىي بغطاء داخلي فقط، مع ذلك يتركون البلد يدخل فى جمود وفرغ طويل الأمد، لا لشيء سوى لتطبيق عرف جديد يقول بضرورة خروج الرئيس المكلف من رحم “اللقاء”، وهم من أجل ذلك يرفضون إعادة الثقة بالحكومة المستقيلة على أساس أن رئيسها لا يمثل الاكثرية النيابية السنية ولا هو متوافق الشروط مع نظرة “الرباعي السني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى