غزة | بعد 78 يوماً على إضراب الأسير الفلسطيني، ماهر الأخرس عن الطعام، ورفض العدوّ الإسرائيلي الاستجابة لمطلبه الإفراج عنه، انتقلت حالة الضغط من السجون إلى قطاع غزة؛ إذ أرسلت الفصائل الفلسطينية إلى سلطات الاحتلال، عبر وسطاء، «تهديدات قوية بأن أيّ ضرر يقع على الأخرس سيفجّر تفاهمات التهدئة» وفق مصادر المقاومة. يأتي ذلك في وقت يتجدّد فيه التصعيد الميداني على حدود القطاع، مقابل الضغط الإسرائيلي على حركة «حماس» لإجبارها على تخفيض شروطها في «صفقة التبادل»، خاصة مع رهن المنحة القطرية وباقي تفاهمات التهدئة بإنهاء ملفّ الجنود الأسرى في غزة.
وتتزامن التطوّرات المتّصلة بقضية الأخرس مع تعرقل تطبيق تفاهمات التهدئة، جرّاء تعثر جهود الوسطاء لإدخال الأموال القطرية والمساعدات إلى غزّة وبدء المشاريع المتّفق عليها في القطاع. وفي مواجهة ذلك، جاء التهديد الأبرز من الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، «سرايا القدس»، التي أصدرت فيديو قصيراً هَدّدت فيه العدوّ بثلاث كلمات: «لن يطول صبرنا»، مرفقةً تهديدها بصور لصواريخها، إلى جانب صورة الأسير المضرب. وبدأ الفيديو بكلمة للأمين العام للحركة، زياد النخالة، حذّر فيها الاحتلال من أيّ مكروه يُصاب به الأخرس، فيما نبّه الجناح العسكري لـ«الجبهة الشعبية»، «كتائب أبو علي مصطفى»، إلى أن «المساس بالأسرى خطّ أمر». وفي الاتّجاه نفسه كان موقف «حماس»، التي أكّد المتحدّث باسمها، فوزي برهم، أمس «(أننا) جاهزون لأيّ سيناريو… نريد الحرية والسلامة للأسير الأخرس»، مضيفاً: «حماس حاضرة في الميدان بكلّ قوة، وستشارك في كلّ فعل مقاوم على الأرض حتى ينعم ماهر بالحرية»، في إشارة إلى نية الحركة المشاركة بقوة في أيّ تصعيد مقبل.

ويواصل الأخرس رفضه حكم الاعتقال الإداري الصادر بحقه، وسط تحذيرات من دخوله مرحلة الخطر الشديد، علماً أنه لا يزال يقبع في مستشفى «كابلان» في الداخل المحتل، في حين أنه من المقرّر أن تعقد محكمة إسرائيلية جلسة للبتّ في قضيته، وهو ما استبقته «الهيئة القيادية لأسرى الجهاد» بإعلان «الاستنفار والإضراب المفتوح في حال لم يُفرَج عنه». وكانت مؤسّسة «مهجة القدس» قد قالت إن إدارة «كابلان» نقلت الأخرس إلى قسم آخر في المستشفى بعد اكتشاف إصابة أحد المرضى بجانبه بفيروس «كورونا». وبينما نفى المتحدّث باسم «لجان المقاومة الشعبية»، أبو مجاهد، وصول ردّ عبر الوسطاء، فقد أكّد أن «المقاومة أبلغت الأطراف المعنيّة بـ(ضرورة) إنقاذ الأسير، والّا فإن ردّ المقاومة سيكون بالصواريخ». وعلمت «الأخبار»، من مصادر في «حماس» و«الجهاد»، أن الحركتين أجرتا اتصالات بالمصريين والقطريين والأمم المتحدة للتحذير من أن «استشهاد الأخرس سيُفجّر الوضع وينهي حالة الهدوء».
وفي رسالة بجدّية التهديدات، أطلقت المقاومة صاروخاً تجريبياً تجاه البحر صباح أمس، بالتزامن مع إطلاق «الوحدات الشعبية» دفعات من البالونات الحارقة تجاه مستوطنات «غلاف غزة». في المقابل، حاولت الصحافة العبرية حرف الأنظار عن التحرّك في قضية الأخرس، بادّعاء أن «حماس ستعود قريباً لإطلاق البالونات الحارقة والمتفجّرة والتصعيد في المنطقة الحدودية وإطلاق الصواريخ». والسبب في ذلك، كما رأت صحيفة «معاريف» في تقرير أمس، أن الحركة «تمرّ بأزمة كبيرة، وتتعرّض لضغوط داخلية كبيرة بسبب الوضع الاقتصادي للسكان وآثار كورونا». لكن «القناة الـ12» في التلفزيون الإسرائيلي أشارت إلى أن «حماس تطالب بتجديد المشاريع المدنية، مع التركيز على الماء والكهرباء»، مستدركة: «في إسرائيل صار استمرار المفاوضات والتوصّل إلى اتفاقات مشروطاً بإحراز تقدّم في قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، وهذا هو سبب استعداد الجيش لتصعيد قريب في الجنوب».