الحدث

تَسويةُ أوضاع اللواء عباس إبراهيم

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

داخل الأروقة السياسية يدور سؤال: هل قرّرَ المستوى السياسي الأميركي إنهاء الامتياز الأمني الذي حظيَ به مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وإستطراداً القضاء على أي إمكانية لتحويل مكتسباته في الميدان الأمني إلى عُملات تصلح للصرف في السوق السياسي؟

الإيحاء بإحتمال ضمّ إبراهيم إلى رُزم العقوبات الأميركية يوحي بذلك. في الواقع، التهديد ينم عن جملة اهداف يراد تحقيقها من وراء استهداف ابراهيم. ثم، ما أرادته مستويات سياسية أميركية معينة -هي في الحقيقة تمثل إنعكاساً لصورة جانب من القيادة السياسية- من وراء ضم كل من الوزراء السابقين علي حسن خليل يوسف فنيانوس وليس آخراً جبران باسيل على جداول العقوبات، تريده تماماً من عباس إبراهيم. عملياً، ترمي من وراء ذلك إلى قطع أي إمكانية لتولي هؤلاء أي مراكز سياسية رفيعة مستقبلاً.

إذاً، رأس عباس إبراهيم مطلوب بمعناه السياسي لدى أكثر من دائرة في واشنطن، وفي الواقع هناك من يعمل على الإعداد لمضبطة اتهامية واسعة تصلح للاستخدام كقرائن ضده تأتي كمقدمة لتوفير ظروف إصدار حكم “إعدام سياسي” بحقه. يحدث ذلك من خلال التركيز على أدوار المدير العام للأمن العام إلى جانب حزب الله والدولة السورية والجمهورية الاسلامية الايرانية، لكن هل تقتصر أدواره الامنية تلك عند هذا الحيز؟ قطعاً لا، فالولايات المتحدة نفسها وإلى جانبها دولاً أوروبية من فئات ودرجات متعددة، تصنف كمستفيدة في أكثر من ملف أمني حساس تولى إبراهيم إدارته، بناءاً على رغبات مصدرها تلك الدول في الأساس.

رأس عباس إبراهيم مطلوب اذاً، وعلى الأعم الاغلب من جانب لوبي سياسي أميركي يمثله عملياً أكثر من نائب ومشرّع وهيئة وفئة. هؤلاء يشكلون تياراً يرفض حتى منطق المراسلة مع حزب الله ويتبنون نظرية ملاحقته العابرة للحدود. إلى هذا الجانب، يرى ذلك التيّار ضرورةً أميركية في قطع أي علاقة لاي مستوى سياسي او امني أميركي متهم بصلات قربة –سياسية أو أمنية- مع حزب الله، بمعزل عن إحتمال وجود إستفادة أمنية أو سياسية من قبل الادارة الاميركية. في الطريق إلى ذلك يجري إستخدام سلاح العقوبات الأميركية كأداة تنفيذية.

في الحقيقة، تمتع اللواء عباس إبراهيم طيلة فترة كبيرة بإشادة أميركية حيال الأدوار التي كان يتولاها. في زيارته الاخيرة إلى واشنطن جرى تظهير هذه الصورة على نحوٍ لافت. ليس سراً أن مستوى أميركي معين، رأى في الضابط السابق في مخابرات الجيش قناةً سليمة لتبادل الرسائل مع حزب الله وقد جرى استخدامها في أكثر من مكان. لاحقاً جرت الاستفادة من أدواره في قضايا “خارج الحدود”.

هذا المستوى ما زال يرى ضرورة في إستمرار هذه العلاقة ولو بدرجة متفاوتة الوتيرة، لذا يجد مصلحة في عزل علاقة إبراهيم عن أي دائرة إستهداف تأتي من أي جانب سياسي في واشنطن، وقد بدأ العمل منذ الآن على إحاطة إبراهيم بدرجة أمان في مواجهة زحف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي الجمهوري جو ويلسون الذي يريد توسيع رقعة إستهدافات مشروع القانون الذي تقدمت به مطلع الشهر الفائت تحت عنوان “قانون منع غسل الأموال لحزب الله لعام 2020″، لتضم شخصيات من خارج التصنيف السياسي والأمني للحزب.

زيارة وفد دبلوماسي أميركي محسوب على وزارة الخارجية إلى اللواء عباس إبراهيم في مكتبه بالأمس يندرج تحت هذه الخانة. صحيح أن للزيارة أكثر من هدف موضعي وقد تتصل بملفات يعمل عليها إبراهيم، لكن الصحيح ايضاً أنها تحمل على الظن بوجود رسائل سياسية أميركية موجّهة إلى الداخل الأميركي.

ثمة من يدرج “إستهداف إبراهيم” من جانب قوى جمهورية أميركية في خانة “التخريب” المتبع مؤخراً لدى إدارة دونالد ترامب لعرقلة مسيرة خلفه “جو بايدن”. يرشح هؤلاء قائمة أخرى تضم سياسيين وكيانات ستستخدم للامر ذاته. لذلك، تبدو الاجواء مائلة إلى إحاطة إبراهيم بدرجة إهتمام كبيرة، لذلك جرت الاستفادة من خدمات السفيرة الاميركية دورثي شيا التي تولت توجيه الرسالة الثانية إلى الداخل الأميركي. قد يبدو ذلك لقاء خدمات يبدو أن اللواء ابراهيم في صدد توفيرها ضمن سياق الوساطات التي يعمل عليها وتهم واشنطن على درجة كبيرة وفي أكثر من ملف شائك، ومن الواضح أن إبراهيم يستفيد منها على أوسع درجة، وهذا حقه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى