الحدث

اتهامات ترامب بالتزوير لا تحصد إجماعاً جمهورياً بايدن على عتبة البيت الأبيض

مناصرو ترامب يتظاهرون دعماً له في أريزونا أمس (أ ف ب)

 

جولي مراد-نداء الوطن

بعد أربعة أيام من الفرز والنهارات الموصولة بالليل والتحاليل اللامتناهية أخذ المشهد يتضح شيئاً فشيئاً: الرئيس المقبل للولايات المتحدة لن يكون جمهورياً. لن يحتفل المعسكر الأحمر بالفوز ولكنه لن يعترف أيضاً بالهزيمة. ولن يعلن المعسكر الأزرق الانتصار، ولكنه يعدّ العدّة للحكم. فالديمقراطيون أقرب الى البيت الأبيض. ومرشحهم جو بايدن قطع الشك باليقين بتقدّمه في جورجيا وولاية بنسلفانيا الرئيسة بعد ظفره بالولايات المتبقية والمتنازع عليها في الساعات الاخيرة. ولعلّ زيادة الجهاز السري المكلّف حماية كبار المسؤولين عديد عناصره حول بايدن في معقله بديلاوير مؤشرٌ إضافي على أنّ المرشّح بات على قاب قوسين من سدّة الرئاسة.

أما خصمه ترامب فغارق في رفع الشكاوى القضائية وتوزيع اتهامات “الفساد” في أكثر من اتجاه. لن يرحل الرجل دون جلبة. كان ذلك واضحاً حتى قبل خوضه الانتخابات. قماشته تحول دون قبوله بالانكسار، هو الذي لم يعترف يوماً بضعفٍ أو شائبة أو فشل قبل أن يصبح رئيس أكبر سلطة في العالم. “إذا أحصيتم الأصوات القانونية أفوز بسهولة، بإحصائهم الأصوات غير القانونية يحاولون سرقة الانتخابات منا”، أكّد ترامب بحنقٍ متابعاً: “لم تنته الانتخابات بعد”.

وحذّرت حملة بايدن على لسان الناطق باسمها أندرو بيتس من أن الرئيس قد “يُساق إلى خارج البيت الأبيض في حال رفضه الاعتراف بالهزيمة”، معتبراً بأنّ “الشعب الأميركي هو من يقرّر نتائج الانتخابات وبأنّ حكومة الولايات المتحدة قادرةٌ تماماً على إخراج من يتعدون على ممتلكات الغير خارج البيت الأبيض”.

ورغم حصول ترامب على دعم سناتوريْن بارزيْن من حزبه حول وجود تزوير، هما ليندسي غراهام وتيد كروز الذي صرّح على “فوكس نيوز” قائلاً: “الرئيس غاضب، أنا أيضاً والناخبون كذلك”، إلا أنّ ادعاءه بأنه ضحية “سرقة الانتخابات” أحدث شرخاً في حزبه فخرجت أصوات جمهورية تدعوه الى التروّي. وعلّق حاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي على اتهاماته بالقول: “ما من دليل على التزوير”، محذّراً من تأجيج التوتر بين الأميركيين ومن إثارة المشاكل في غياب أدلةٍ ملموسة.

وعبّر عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا بات تومي بدوره عن استيائه قائلاً: “أزعجني خطاب الرئيس جداً فهو قائم على مزاعم خطيرة لا تستند الى إثبات، وأنا لا أعلم بوجود عملية غشّ كبيرة كما يدّعي”.

وغرّد الجمهوري آدم كينزينغر من تكساس داعياً الرئيس الى “التوقّف عن ترويج المعلومات المضلّلة والمفتقرة الى مصداقية فقد تحوّل الأمر إلى جنونٍ تام”، فيما أعلن ميت رومني أنّ “فرز كلّ صوت هو مبدأ كامن في صلب الديموقراطية وبأنّ العملية غالباً ما تكون طويلةً ومحبطة للمرشّحين” مفضّلاً الاحتكام الى القضاء في حال وجود خلافات “من دون إلقاء الاتهامات جزافاً”.

ونأى غالبية نواب وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بنفسهم عن المسألة فبدوا حذرين متجنّبين استعداء من سيبقى رئيساً حتى 20 كانون الثاني على الأقل، خصوصاً أنّ تأثيره سيبقى كبيراً على التيار المحافظ حتى في حال هزيمته، ومن بين هؤلاء زعيم الغالبية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي عارض مطالب ترامب بإيقاف الفرز مذكّراً بضرورة احتساب كلّ اقتراع قانونيّ، وبأنّ كل ورقة غير شرعية ساقطة وبوجود المحاكم لتطبيق القانون وحلّ الخلافات.

وأشار كارل روف، المستشار السابق للرئيس جورج دبليو بوش، إلى أنّ ادعاء ترامب وجود تزويرٍ وغش يطاول مئات آلاف بطاقات الاقتراع في ولاياتٍ مختلفة إدعاءٌ أقرب الى سيناريوهات المكائد التي نجدها في أفلام جيمس بوند الخيالية.

يبدو إذاً أنّ الاعلان عن النتائج النهائية لن يكون في القريب العاجل. فبالاضافة الى بطء الفرز في بنسلفانيا، الذي سيستغرق وقتاً غير محدّد قد يستمرّ أياماً، أعلنت ولاية جورجيا، حيث احتدمت المنافسة، إعادة فرز أصوات ناخبيها لضيق الفارق بين المرشحيْن. وسمحت جورجيا للمراقبين من الفريقيْن بمراقبة العدّ بعدما ادّعى ترامب وجود تزويرٍ فاضح يستهدفه.

من جهتها، اعتبرت الرئيسة الديموقراطية لمجلس الشيوخ نانسي بيلوسي أنّ بايدن يتّجه بثباتٍ الى الفوز بالبيت الابيض و”يتمتّع بتفويضٍ قويّ ليحكم”، وتلك عبارة تستخدم عادةً مع الفائز في الانتخابات حتى تولّيه مهامه في 20 كانون الثاني. كلامٌ جميل ولكنه حتى الآن بحاجةٍ الى الاعلان رسمياً عن اسم رئيس الولايات المتحدة المقبل فعسى أن تكون الخاتمة قريبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى