الحدث

الحكومة إلى ما بعد إنحسار “الازمة الفرنسية”؟

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

مرّت بهدوء عطلة نهاية الاسبوع. “ولا ضربة” سجلت على “ملزمة الحكومة” بعدما أعلن عن تسجيل اصابات جديدة بفيروس “العقد” ما الزم المعنيين دخول “الحجر”.

المهلة التي اعلن عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري والتي جزمت أن تأليف الحكومة حاصل في غضون مدة تتراوح بين ٤ إلى ٥ أيام باتت بحكم الساقطة. عين التينة لا تستسيغ ما جرى وترفعه الى رتبة “المؤامرة”، فكل الامور كانت سالكة، فلماذا اندفعت العقد فجأة ودخلت الى المسرب؟ وحين يبلغ الكلام مستوى التصويب الى جهة واحدة، يُفهم ان عين التينة لديها معطيات حول “اوامر عمليات” صدرت في الداخل، تهدف الى عرقلة الحريري وتأخيره حتى يرضخ الى رزمة شروط معينة.

عملياً، ما توقفت عنده مشاورات الاسبوع الماضي ما زال كما هو. خلاف حول الصيغة الحكومية بين ١٨ يريدها الرئيس المكلف سعد الحريري و ٢٠ يطالب بها رئيس الجمهورية ميشال عون. خلاف حول المداورة الكاملة والمداورة الجزئية. فهناك معلومات صحافية تميل الى الظن أن عون يريد مداورة طائفية مذهبية في جميع الحقائب ومنها المال، ولا يرى ضرورة في عودتها إلى حضن حركة أمل تحديداً، وكلام مصادر عين التينة الذي ورد في المقدمة اعلاه يفهم منه على انه يأتي بمثابة رد على خطوة عون.

خلاف آخر حول التمثيل الدرزي. وهنا يدعم رئيس الجمهورية تمثيل الحزب الديمقراطي اللبناني بوزير درزي، ويتردد ان حزب الله مع هذا الجو، في مخالفة لرغبة الحريري. ولا تنتهي قائمة الخلافات هنا، حيث تكشف مصادر مطلعة لـ”ليبانون ديبايت” عن “انزال باسيلي” خلف خطوط عون، بعدما اكتُشفَ وجود بصمات لتدخلات “باسيلية” في تركيب الاسماء المقدمة من قبل رئيس الجمهورية، وهو ما لم يستسغه الرئيس المكلف. اضف الى ذلك الكلام حول “جو سلبي” يعتقد أن مصدره أميركي، ورد الى بيروت عقب خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل يومين، والذي التمس منه دخولاً صريحاً للحزب على خط التأليف كإسناد الى جانب الحريري. فمن “لقط” هذا الكلام يريد اعاقة الحريري ومنعه من ادخال الحزب كشريك تحت اي صفة، ولا بد أن لا ننسى التباين حول قضية طلب “المداورة الحزبية” في الحقائب وضمها إلى ملف المداورة ككل.

مع ذلك، فإن اوساط محددة تعتقد انه في الامكان تذليل بعض العقبات في حال اريد ذلك، وان التأليف تنطبق عليه صفة “التشاؤل”، فلا يجوز الحزم بحصوله بعد ايام ولا يجب الافراط في التفاؤل.

عملياً، ثمة مجموعة بدأت تميل الى فكرة أن الحريري يعمل على “زرع كمائن” في جسد الحكومة تصلح للعودة اليها وقت الحشرة ويمكن له أن يبيعها الى الجهات الدولية التي ما زالت غير مقتنعة بعودته الى الحكومة متى اراد ذلك. من جملة هذه الكمائن “كمين الحصة الدرزية”. فالحريري وفجأة تراجع عن تفاهمه مع عون حول الصيغة العشرينية ليعود ويطالب بصيغة عشرية (١٨). وهنا يتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالتأثير على موقف الحريري، بحكم ان جنبلاط يجد مصلحة، سواء له أو للحريري، بتشكيلة تضم بين صفوفها درزياً واحداً، وهو ما يعني سياسياً حصر الميثاقية الطائفية بوزير واحد فقط يمثل في الواقع ثلثاً معطلاً تفوق قوته وقدرته قوة الثلث المتعارف عليه، ما يمنح حق بت مصير الحكومة إلى جهة سياسية وطائفية واحدة، فمتى ارادت سحب وزيرها يمكنها ان تعطل مجلس الوزراء برمته تحت ذريعة الميثاقية، او يمكن لها فرط الحكومة في سابقة حصلت مع الوزيرة في حكومة تصريف الاعمال منال عبد الصمد التي مثلت عبوة “طيّرت” حكومة حسان دياب! بناءً على كل ذلك يستميت رئيس الجمهورية بتفاهم مع حزب الله على رفع عدد الوزراء إلى ٢٠ وربما أكثر.

إلى هذا الجانب، ثمة آخر لا يقل اهمية، له علاقة بالاجواء الفرنسية المشحونة. ويقال في هذا المجال، أن نصيحة اسديت إلى الرئيس الحريري بوجوب التخفيف من اندفاعته صوب فرنسا ومبادرتها في بيروت، في ظل الظرف الراهن، لا سيما بعد ان جرى التطاول على شخص النبي محمد، حتى لا تصور اندفاعته على انها نوع من انواع تسيير الاعمال والمطالب السياسية الفرنسية في الداخل اللبناني. فالحريري ينظر اليه اولاً واخيراً على انه شخصية معنوية تمثل الموقع السياسي السني الأول في البلاد، فلا يجوز أن يظهر كـ”مقدم خدمات” لانقاذ باريس من محنتها، مما سيؤدي إلى الحاق اضرار شعبية به في ظل فورة الغضب الحاصلة. ثم أنه وبعد هتك حرمة الرسول، باتت مسألة انجاح المبادرة الفرنسية ثانوية ولم تعد أولوية بالنسبة إلى كثير من اللبنانيين. كلام من هذا القبيل إلى جانب دخول مجموعة عقد طارئة، ولّدَ انطباعاً أن اعلان تأليف الحكومة ستطول مدّته إلى أجلٍ يُسمى على وزن مخارج الحلول التي يُعمل عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى