تحقيقات - ملفات

الرئيس التونسي الأسبق يفتح النار على “الجامعة العربية” ويصفها بالجثة المتعفنة

الوقت- بعد أن وصفها الفلسطينيون بأنّها باتت “عراباً للتطبيع” مع العدو الصهيونيّ الغاشم لتمرير “صفعة القرن” التي تهدف إلى محو القضيّة المركزيّة للعرب والمسلمين، أشار الرئيس التونسيّ الأسبق، المنصف المرزوقي، إلى أنّ ما تُسمى “جامعة الدول العربيّة” انتهت منذ زمن بعيد، وتأكّدت نهايتها بعد عدم رفضها للتطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيليّ، موضحاً أنّ الفلسطينيين تُركوا في وضع لم يمر عليهم في تاريخ القضية الأم للعرب.

جثة تطلق روائح كريهة

عقب الأثر السلبيّ للجامعة العربيّة في مسألة تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، والتي تأسست في 22 آذار 1945، بهدف الدفاع عن مصالح الدول العربية وزيادة تضامنها وتعاونها في مختلف المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، إضافة إلى التحرر من السيطرة الأجنبيّة وتحقيق الوحدة بين الدول الأعضاء، بيّن المرزوقي في حديث مع “المركز الفلسطينيّ للإعلام”، أنّ الجيفة التي تسمى “جامعة الدول العربيّة” تطلق روائح كريهة، ولا تدين التطبيع، منوهاً بأنّ القضيّة الفلسطينيّة لم تعرف وضعاً أصعب مما هي عليه الآن، ولا بد من التفريق بين الحكام العرب وموقف الشعوب، معتبراً أنّ موقف الشعوب العربيّة المغاربيّة لم يتغير منذ أكثر من 90 عاماً والقضية الفلسطينية بالنسبة لهم هي القضية الأم.

وبما يخص الوضع الراهن للدول العربيّة، أكّد الرئيس التونسيّ السابق أنّ أغلبيّة الأنظمة العربيّة في حالة تفكك، وبعض منها بصدد الانهيار، وجزء آخر دخل التبعيّة المباشرة للعدو الصهيونيّ وأمريكا وغيرها من الأنظمة، مشيراً إلى أنّ حكام الدول العربية تخلوا عن القضايا الخاصة بشعوبهم، متسائلاً: “فما بالكم عندما تتخلى عن القضية الفلسطينية”.

وندد المرزوقي بالموقف العربي الرسميّ المهرول نحو التطبيع عدو العرب الأخطر، مؤكّداً أن الشعوب العربيّة في خندق واحد مع الشعب الفلسطيني، وأنّ “المعركة واحدة والمشاعر تجاه فلسطين لن تتغير رغم التقصير، متحدثاً أنّ الجامعة انتهت منذ سنوات، وأنّ هذا الشيء بات واضحاً بالنسبة لكثير من العرب.

التطبيع العربيّ

كل نظام سياسيّ يستمد شرعيته من نجاحات اقتصادية أو نجاحات تاريخيّة أو دعم خارجي، ومن ذهب للتطبيع مع الاحتلال يعلم أنه لا شرعية تاريخيّة أو سياسية ديمقراطية له، وفق المرزوقي الذي اعتبر أنّ من هرول للتطبيع يعلم أن ضريبة بقائه في الحكم، هو الارتماء في الأحضان الأجنبيّة الإسرائيليّة والأمريكية، كموقف حكام الإمارات الذي خافوا على حكمهم من استمرار ما أسماها “الثورات العربيّة”.

وذكر أن القضية الفلسطينيّة تعد ورقة يبحث من خلالها حكام أمريكا عن كسب الربح في الانتخابات الجارية فيها، وأنّ واهم من يزعم بأنّ التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي هو السلام الحقيقيّ، بل هو استسلام وليس سلاماً عادلاً يقوم على الحقوق الفلسطينية التي يسلبها العدو الغاصب.

وفي رسالة إلى الفلسطينيين، قال المرزوقي: “نحن مقصرون.. مقصرون في حق القضية الفلسطينيّة والمرابطين في القدس، مضيفاً “أريد ألا يكرهنا الفلسطينيون، لا أريد أن يلومونا، ولا بد أن يعلموا أننا في أصعب الظروف، ولينظروا إلى الشعب السوريّ والليبيّ واليمنيّ والمصريّ والشعوب العربيّة الأخرى”.

أحقر عملية ابتزاز

في الوقت الذي اعتبر الفلسطينيون أنّ عدم إقرار مشروع برفض التطبيع مع الكيان الصهيونيّ من قِبل الجامعة، بمثابة “إعطاء الشرعيّة” لكيان الاحتلال وسط العالم العربيّ لتُجسيد الهيمنة “الصهيوأمريكيّة” على مقدرات وثروات الأمّة، أشار المرزوقي إلى أن الدول التي طبعت مع الاحتلال رغم رفض شعوبها، تُعرضهم “لأحقر عملية ابتزاز”، وخاصة الشعب السودانيّ الرافض للتطبيع، ما يظهر خساسة التطبيع بالطريقة التي تعاملوا بها مع السودان ليوافق على الدخول في حظيرة التطبيع الأمريكيّة، واستغلوا ضعفه من أجل الاعتراف بكيان الاحتلال، في طريقة مقززة وقذرة، ولا أخلاقيّة.

لذلك، فإنّ الجامعة العربيّة عندما رفضت إدانة التطبيع باعتباره خيانة بكل المقاييس الأخلاقيّة والإنسانيّة، أيّدت بشكل غير مباشر التوغل الاستيطانيّ الصهيونيّ من خلال قضم أراضي الفلسطينيين بعد نهب مساحات كبيرة جداً من أراضي الـ٦٧ في الضفة والقدس، كما فتحت باب الخيانة على مصراعيه في العالم العربيّ لمن يود أن يتنازل عن قيمه وقضاياه العادلة.

وقد تنازلت الجامعة العربيّة عن أدنى معايير احترام الذات، وتحولت إلى منبر يصدح بصوت العدو ومساعيه الاحتلاليّة، رغم إيمان الشعب العربيّ بأنّ حدود فلسطين التاريخيّة هي من البحر إلى النهر، وأنّ ذلك حق مقدس لا يمكن التنازل عنه، ما يضيف تأكّيداً جديداً على أنّ تلك الجامعة لم تمثل في يوم من الأيام أحلام الشعب العربيّ ولا تطلعاته.

وحول القلق الفلسطينيّ من تسلل التطبيع إلى دول المغرب العربيّ، أكّد المرزوقي أنّ لديه شبه قناعة أن ذلك لن يحدث، قائلاً: “إنّ وضعنا الاقتصاديّ والاجتماعيّ من حسن الحظ لا يقارن في السودان ولا يمكن أن يبتزنا أحد، والرأي العام قوي جداً، ولدينا دول ديمقراطية وشبه ديمقراطية، ولن يجسر أيّ حاكم على هذا الرأي العام القويّ الذي يقف خلف القضيّة الفلسطينيّة”.

خلاصة القول، غُيبت الأصوات الصادحة بصوت الحق في جامعة الدول العربية، لإفراغ الساحة أمام بعض الدول العميلة كالسعوديّة التي تتبع أساليب شراء الضمائر، للانخراط في عملية صناعة القرار داخل الجامعة وجعله رهينة بيدها فقط، مستفيدة من أموالها ونفطها، وبذلك تم تجريد الجامعة من مكانتها التي أُسست من أجلها لتصبح أداة طيعة لإضفاء الشرعيّة على قراراتهم في المنطقة العربية، ما أودى بها إلى التهلكة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى