تحقيقات - ملفات

السعودية : هذه شروطنا للعودة…

“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر

بات واضحاً دون أي شكّ أن “الطلق الحكومي” لم يحن موعده بعد، بعدما حشر لبنان نفسه في تجاذبات قاده اليها بعض مكوّناته، فأضحى أسير لعبة المحاور، الممانعة من هنا بدعمٍ ايراني، والمطبّعة من هناك ببركةٍ اميركية، وما بينهما من دور لدبٍّ روسي حَسرت الرياح الدافئة من حركته، وعجوز اوروبية لم يكن ينقصها سوى محاولة انبعاث سلطان عثماني نفضَ زمن اوباما الديمقراطي الغبار عنه.

فالتسليم بالأمر الواقع بين فكيّ العناد والجمود المفروضان بعصا اميركية غليظة، أغرقا البلاد في سلسلة من الأزمات المتراكمة، مع دولار يحلّق صعوداً، وأجور تنحدر هبوطاً، حتى تجاوزنا زيمبابوي من حيث التضخم، التي بلغت حوالي 365٪ لتسبقنا فنزويلا التي احتلت المرتبة الاولى، تاركةً الموقع الثاني للبنان، بحسب الخبير الاقتصادي الاميركي ستيف هانك.

فيما أكّد مدير مركز الدولية للمعلومات جواد عدرا في تغريدة على حسابه عبر “تويتر”، إلى أن “ترتيب إسرائيل، وفقاً لمعدل دخل الفرد، بلغ نحو 41,000 دولارا وهو 19 تليها فرنسا رقم 20 وبريطانيا رقم 21 ثم اليابان رقم 22، رقم لبنان 128 تسبقه جيبوتي ورقمها 126، أما رقم الصومال فهو 193′. مضيفاً، “هذه الأرقام التقريبية للعام 2020 تخبرنا أين نحن وإلى أين نحن ذاهبون”.

وكما كان موقفها سباقاً وحاسماً منذ اليوم الاول، مسقطة كل محاولات بثّ الاشاعات، جاء كلام الدقيقة ونصف مع الاعلامية الاميركية “هادلي غامبل”، لوزير الخارجية السعودية، الامير فيصل بن فرحان آل سعود، الواضح والمتجدّد في الشكل، ليحيل الهمس والغمز الى واقع ملموس، ويقطع للبنانيين الشك باليقين، في لحظة غليان العالم العربي في جغرافيته السياسية وتبدلاته الاستراتيجية. فمفعول كلام كبير دبلوماسيي المملكة لم يكن اقل من العقوبات، مسقطاً ورقة التين الاخيرة التي سترت خلفها “الحريرية السياسية” آخر عوراتها.

فالشيخ سعد وجوقة ردّيدته “ما حبوا يصدقوا”، إذ لا تكاد تخلو إطلالة إعلامية لقيادي أزرق من اسطوانة اتهام الاخرين المشروخة، “بالحطّ عن جحشنتهم”، مصرّين على الانكار، ليأتي الجواب “كجلمود صخر حطّه السيل من عل” بعدما بَلغ السيل الزبى عند الرياض”، فنطق وزير البلاط، حاسماً مسلمات المملكة في لبنان، من مراقبة الوضع عن بعد لمعرفة مآل الحكومة الموعودة، الى لا عودة للعلاقات الطبيعية بين البلدين إلّا بعودته الى حضنه العربي، مروراً باللادعم لأي حكومة يشارك فيها حزب الله او يكون له نفوذ فيها، واخيراً لم يعد الشيخ سعد “رجل الرياض التقليدي” في بيروت بعدما أظهر عجزاً موصوفاً في كل المحطات الاساسية، اهمّها عدم التزامه بتعهداته بالنأي بلبنان عن الصراعات الاقليمية.

لكن هل يعني ذلك تخلي الخليجيين عن لبنان؟ تسارع جهات دبلوماسية عربية الى الجزم “بالتأكيد لا”، فمساعدة الشعب اللبناني واجب وهدف استراتيجي، ومن اجل ذلك يجري التشاور بين العواصم المعنية لوضع الية لايصال المساعدات الضرورية والملحة لمن يحتاجها، عبر الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، كاشفة ان اي دعم لن يقدم عبر مؤتمرات الدعم التي تتم الدعوة اليها، مشيرة في هذا الصدد الى ان الدول الخليجية علقت حصصها التي تعهدت بها خلال “سيدر ١”.

ما لم “يستوعبه” بالانكليزية أوصله الاميركيون له باللغة التي يفهمها وشبّ عليها، علّها تبدل في الامر تبديل، غير انه يبدو ان الشيخ “راكب راسه” ومقتنع “إما هو او لا أحد”، فبالنسبة له “هو وشركاؤه هم الداء والدواء”.

إنّها الغيوم تُنذر بانفجار وشيك وجارف اقتصادي وامني.
وعليه، لم يعد من فرق، فإلى الحلول الساخنة در، سواء بمؤتمر حوار وطني برعاية الرئاسة الاولى، أم بمؤتمر دولي تأسيسي على شاكلة لوزان وجنيف في الـ 84 او الطائف في الـ 89 او الدوحة في 2008. فمهما “تقلوا… بقلك…” وعنزة ولو طارت… اي طارت وخلصت…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى