أخبار عاجلة

باسيل يرفض حلول زعيم «المستقبل» مُنقذاً كالأب

عمار نعمة-اللواء

يوم بعد الآخر يتضح حجم الفجوة القائمة بين الأفرقاء السياسيين على صعيد تشكيل الحكومة، ما يدلل على أن لا إيجابية قريبة على هذا الصعيد سواء داخليا أو بالنسبة الى المعطيات الخارجية.
ثمة من يوجه انتقادا حادا للرئيس سعد الحريري لكونه كان يعلم تماما صعوبة تشكيله للحكومة، ورغم ذلك فإنه قدم نفسه مخلصا للبلد بعد خروج الرئيس المكلف السابق غير المتمرس سياسيا مصطفى أديب من المشهد، ليعود بعد عام على إنتفاضة شعبية استقال بسببها.
منذ ذلك الحين، لم تتوافر للحريري ظروف مناسبة للعودة، حتى الأمس القريب مع تكليفه رئاسة الحكومة، لكنها لم تكون سوى ظروف لعودته شخصيا من دون السماح له بتشكيل تلك الحكومة. هنا بالذات يتوقف منتقدوه عند اتهامه بإفشال مهمة سلفه مصطفى أديب في ظل سؤال كبير: لم سيسمح أخصام زعيم «المستقبل» له بما رفضوه لسلفه؟
في السؤال كثير من المنطق. خاصة وسط انتقادات أخرى للرجل تأتيه بأنه قدم للبعض في السلطة ما لم يقدمه الى الآخرين. الأمر يتعلق هنا بثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» مثلا وبحليفه «الإشتراكي» وليد جنبلاط أيضا.. ما يعني ببساطة أن مشكلته الاولى اليوم وربما الاكبر هي مع العهد، وبمعنى آخر مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي يقول متابعون إنه انحنى للعاصفة مضطرا أول الأمر مع عودة الحريري، لكنه يبذل الجهد لإفشاله وعدم السماح له بالعودة بطلا على صهوة جواده على غرار أبيه قبل 28 عاما.
في ذلك الحين، كان لبنان خارجا من حرب مدمرة ووضع اقتصادي صعب وليرة متراجعة دراماتيكيا، وفعل مجيء رفيق الحريري في نقل البلد الى مرحلة مزدهرة اقتصاديا يحن إليها كثيرون. لكن ذلك دفع بقوى مسيحية مضطهدة في الزمن السوري الى التململ من واقع الحال والوقوف ضد مرجعية سنية طغت على الرئاستين الاولى والثانية، خاصة وان كل ذلك حصل في زمن النفوذ السوري في لبنان.

في جعبة المقربين من الحريري الكثير لروايته عن ظروف إستقالة الحريري قبل نيف وعام، والمراحل المختلفة التي مرّ بها مذاك وصولا الى هذه اللحظة السياسية. هو الوحيد الذي استجاب للاحتجاجات الشعبية ونزل عند رغبتها مقدما إستقالته. عرضت بعدها فرص كثيرة للرجل للعودة، خاصة من قبل «الثنائي»، ليس حبا به بل دفعا للفتنة عن البلاد ومنعا لتكرار تجربتي الرئيسين نجيب ميقاتي وحسان دياب، لكن العلاقة بقيت على جفافها مع باسيل الذي طرح معادلة: معاً في الحكومة أو معاً خارجها.
مفاجأة الراعي
ومع عودة الحريري الى سدة الرئاسة الحكومية، وبعد محاولات باسيلية لمنعه من دون جدوى، ومنها عبر إثارة مسألة الميثاقية المسيحية المفقودة، وبعد توجيه العقوبات ضربة كبيرة لطموحاته السياسية ناهيك عن الرئاسية، باتت مهمة باسيل الذي تحدث فور تكليف الحريري عن حكومة تكنو– سياسية، هي إفشال كل مترتبات المرحلة الجديدة ومنها إقلاع حكومة الحريري وهو يعلم إنها قد تكون الحكومة الاخيرة في زمن العهد، في محاولة لشراء الوقت حتى افراج ما يعيد تعويمه داخليا.. ورئيساً.
أصحاب هذا التحليل ينفون بشدة الاتهام للحريري بأنه توقف عند حصة المسيحيين في الحكم بعد تقديم ما يلزم للثنائي وجنبلاط. التشكيلة كانت حاضرة وقد إختارها الحريري بنفسه بعلم رئيس الجمهورية ميشال عون الذي عُرضت عليه الاسماء الشيعية والدرزية، وهو سيفعل الأمر نفسه على الصعيد المسيحي. هذا هو لسان حال هؤلاء الذي يعلمون تماما مغزى كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي الداعم لعون والمُنتقد للرئيس المكلف الذي فوجئ به، ما يعني أن الأمور بين الحريري وباسيل الذي يزايد اليوم مسيحيا إنطلاقا من قانون الانتخاب الذي عرضه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليست في أي شكل من الاشكال مقبلة على الحل في هذه الأثناء.
اليوم يخرج من يروج لاعتكاف الحريري أو لإعتذاره، وهو ليس حاله على الإطلاق. يقلب زعيم «المستقبل» أوراقه ويدرس خطواته المقبلة بتأن، والتي قد تكون إحداها تقديم تشكيلة ما الى رئيس الجمهورية ميشال عون ليرمي الكرة في ملعبه أولا، وفي ملعب القوى السياسية المختلفة في المجلس النيابي ثانيا.
أمام الرجل متسعا من الوقت للتفكير في تطورات الداخل والخارج التي يردد المقربون منه أن اخصامه يراهنون عليها من دون طائل. فالمراهن على تغيير دراماتيكي تأتي به الادارة الاميركية الجديدة هو واهم، وخاصة على صعيد العقوبات التي جاءت من الكونغرس وهي تحظى بتوافق «ديمقراطي» و«جمهوري».
ولذلك فإنها مرحلة تقطيع للوقت، إلا في حال حدوث تطور إقليمي ما.. ووسط كل ذلك، وبينما يبدو «الثنائي» متريثاً ربما حتى تسلم الرئيس الاميركي المنتخب جو بادين زمام الامور رسميا، هناك من المقربين من الحريري يلفت النظر الى أن الرجل الذي يؤكد أمام ملتقيه بأن لبنان ليس في أولويات الخارج، قد يتخذ قراره المُنتظر في لحظة ما على ضوء الجمود الحالي.. ورداً على كلام الراعي رامياً عنه هذا الحِمل!

عن newsadmin

شاهد أيضاً

انه ( الكورنيت)

  ليس بجديد علينا اسم وكسم وفعل هذا الصاروخ المضاد للدروع الذي فتك بفخر الدبابات …