الحدث

لبنان مهدّد بالانكشاف الكامل.. وهذه خلاصة مهمة دوريل


قدمت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” خلاصة لمهمة الموفد الفرنسي باتريك دوريل، تضمنت ما يلي:

أولاً، لا وجود لأيّ تعقيدات من شأنها إعاقة تأليف الحكومة، من قبل الثنائي الشيعي، او من تيار “المرده” أو من “الحزب التقدمي الاشتراكي”. وهو ما تم تأكيده للموفد الرئاسي الفرنسي.

ثانياً، إنّ العُقَد كامنة بين رئيس الجمهورية ومعه باسيل، وبين رئيس الحكومة المكلّف، وتتركّز حول حجم الحكومة، وحجم المداورة في الوزارات السيادية حيث لم يحسم بعد مصير وزارة الداخلية التي عاد وطالبَ بها الرئيس المكلف، وكذلك الامر بالنسبة الى الحقائب الخدماتية الاساسية، ونوعية الحقائب التي ستسند لفريق رئيس الجمهورية، وتحديداً وزارة الطاقة التي يبدو انّ الرئيس المكلف عاد ايضاً وطالبَ بأن تكون من ضمن حصته وبأن يسند لها وزير سني، على أن تُعطى حقيبة التربية لفريق رئيس الجمهورية. اضافة الى أسماء الوزراء الذين يصرّ الحريري على ان يتم اختيارهم بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، مع الاشارة الى انّ رئيس الجمهورية قدّم مجموعة اسماء الى الرئيس المكلّف، لكنه لم يوافق عليها.

ثالثاً، إنّ دعوة رئيس الجمهورية الى تفاهم واسع على الحكومة تحتاج الى توضيح، فهو يدعو الى حوار، ولكن بين مَن ومَن، فهل المقصود بها فقط إجراء حوار بين الحريري وباسيل وربما هنا بيت القصيد، ام إجراء حوار واسع مع كل الاطراف السياسية، ومن ضمنها الاطراف المعارضة، وتحديداً تلك التي أعلنت انها ترفض المشاركة في حكومة محاصصة سياسية، بل في حكومة اختصاصيين مستقلين مثل “القوات اللبنانية”؟. فضلاً عن انّ هذه الدعوة لن يكون في إمكانها الوصول الى هذا التفاهم، خصوصاً انّ هناك تجربة مماثلة حصلت خلال تأليف حكومة مصطفى أديب، حينما اقترح عون إجراء مشاورات مع الكتل والاطراف السياسية، والتي انتهت آنذاك الى مقاطعة أطراف اساسية لتلك المشاورات، مثل “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”.

رابعاً، انّ التأليف يمر في قطوع صعب جوهره الاساس عدم الثقة، بين منطقين، يتحفّظ الأول من الأساس على ترؤس الحريري للحكومة، وهو ما جرى التعبير عنه بوضوح شديد في الكلمة الرئاسية التي سبقت استشارات التكليف، ودعا فيها رئيس الجمهورية النواب الى تحكيم ضمائرهم والحذر من تداعيات التكليف والتأليف، ودخل مرحلة التصلّب في الآونة الأخيرة بعد صدور العقوبات الاميركية على باسيل، حيث يبدو انّ هذا الفريق يحاول ان يعوّض في الحكومة شيئاً مِمّا خَسره في العقوبات، رافضاً أن ينظر اليه في موقع الضعيف سياسياً ومعنوياً. أمّا المنطق الثاني، الذي يمثّله الرئيس الحريري، فمصرّ على حكومة يريدها متحرّرة بالكامل مما يعتبره “الضغط الباسيلي”، وفرصة لاستعادة حضور اهتَزّ جرّاء عوامل داخلية وخارجية، وتحمل في الوقت نفسه بعض التغيير عن نمط الحكومات السابقة.

خامساً، وهنا الأساس، الخشية من أن تُبادِر باريس الى توجيه صفعة معنوية كبرى للطاقم السياسي في لبنان، وتعلن بكل صراحة سحب يدها من لبنان، وتعلن للسياسيين بأنّ فرنسا ليست موظّفة عندكم، وتتوجّه إليهم بما يفيد بأنها حضرت الى جانب لبنان وتحسّست أزمته وتعاطفت مع ما أصابه، خصوصاً في انفجار المرفأ، وتفرّغت له، وقدّمت فرصة ثمينة وغير مسبوقة في سبيل إنقاذه وإنعاشه اقتصادياً، وشجّعت على إعادة انتظام وضعه وتشكيل حكومة، ورغم كل ذلك جرى تفشيلها وإحباط مساعيها.

تقول المصادر انّ الموفد الفرنسي لم يحضر الى لبنان في زيارة استجمام، بل حضر في مهمة حَثّ على التعجيل في تشكيل الحكومة، ولا يبدو أنّه تلقى التجاوب المطلوب معه، خصوصاً من أطراف الخلاف، وهو وإن كان قد استخدمَ نبرة هادئة جداً في مقارباته للمشهد اللبناني، ومن ضمنه المشهد الحكومي، فإنّ هناك معلومات مؤكّدة مصدرها باريس، خلاصتها انّ مهمة دوريل محددة بهدفين: الأول علني، وهو أن ينجح في إقناع اللبنانيين بالتعجيل في تشكيل الحكومة. أمّا الهدف غير العلني فهو أنه في حال الفشل، أن يتم الانتقال تِبعاً لذلك الى الخطوة التالية المنتظرة من الفرنسيين، وهي طَي المبادرة الفرنسية نهائياً، وانسحاب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من المسعى التوفيقي والانقاذي في لبنان، وكذلك دفن مؤتمرات الدعم التي وعد الرئيس الفرنسي بتجييشها دعماً للبنان، وأيضاً صَرف النظر عن الزيارة التي وعد ماكرون بالقيام بها الى بيروت في كانون الاول المقبل، وحتى ولو حصلت فإنها ستشكّل كسرة معنوية للطاقم السياسي كله في لبنان، حيث قد يأتي ويغادر من دون أن يلتقي أياً منهم، إذ قد تقتصر فقط على زيارة للوحدة الفرنسية العاملة في إطار قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة.

وتَخلص الى القول: إنّ وصول الامور الى الانسحاب الفرنسي من لبنان، مَعناه انّ لبنان اصبح مكشوفاً بالكامل، فلا غطاء فرنسياً، كما لا غطاء أميركياً كما هو واضح بالنظر الى الانشغال الاميركي بارتدادات الانتخابات الرئاسية، يُضاف الى ذلك ان لا غطاء عربياً وخليجياً على وجه التحديد. فأيّ لبنان سيبقى في ظل هذا الانكشاف؟! مع الاشارة الى انّ من خسر الغطاء الاميركي وفُرضَت عليه عقوبات، سيخسر الغطاء الفرنسي ايضاً، ولن يحظى بالتالي بأيّ غطاء عربي، فأيّ وضع سيكون عليه بعد هذا “التزليط”؟!!

المصدر: الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى