الحدث

ماكرون الذي فضّل مصطفى أديب على الحريري: لم أستسلم بعد!

ملاك عقيل -أساس ميديا

من الآن وصاعداً بات مشروعاً التساؤل عن مصير حكومة تتحكّم بها قطبة الصراع العلني بين سعد الحريري وجبران باسيل في ظلّ خلاف كبير جداً في شأن إدارة مهام “حكومة المهمّة”… هذا أصلاً إن قدّر للراعي الفرنسي الضغط بقوة أكبر لتأمين ولادة حكومة تجد المجتمع الدولي لا يزال بانتظارها لمدّها بأوكسجين المساعدات والدولارات!

يحلو لبعض القريبين من الرئيس المكلّف سعد الحريري وصف باسيل بـ”الطافر” بمفهوم الشرعية الدولية، المقيم في “الجرد” الدولي، فيما يفرض شروطه وهو خارج “السيستم”. انضمام رئيس التيار الوطني الحرّ إلى قافلة “الطفّار” يريح حزب الله، برأي هؤلاء، حيث إنّ هذا الواقع يكسر من حدّة وجود طرف حزبي بهوية طائفية محدّدة على لائحة العقوبات الاميركية!

أما في محيط باسيل، فلم يعد للصلح مطرح حتى لو جلسا وجهاً لوجه مجدّداً: “الحريري خرّيج مدرسة هدر المال العام، وليس بشروطه تولد الحكومات بعد الآن…”.

الأمر المشترك الوحيد لقطبي النزاع في ظلّ واقع انهيار الثقة بينهما، هو التوافق على التسليم بأن “لا حكومة في المدى المنظور”. وبينهما فريق يعاين التطاحن الداخلي ليرسم الواقع الآتي: “المعطى الأميركي هو الحاسم اليوم في صورة الحكومة أكثر من الدبلوماسية الفرنسية، والدليل عجز باريس عن تحقيق خرق بعد مرحلة تكليف مصطفى أديب. ويبدو الجانب الأميركي كمن يفرض سياسة امتثال compliance على الآخرين. ونجاحها لا يعني سوى ضعف حزب الله، واستبعاد باسيل من الحكومة، فيما التنازل من جانب الحريري يعني ولادة حكومة لا تتوافق مع الأجندة الأميركية. الأمران غير واردين حتى الآن، وفي غياب الحلّ الوسط… لا حكومة قريباً، مع التسليم باستحالة إعادة إنعاش تسوية 2016 التي فصلت الداخل عن الخارج وهو الأمر المتعذّر حصوله اليوم”.

يضيف الفريق نفسه: “أحد الأدلة على صعوبة الفصل، هو العقوبات ضدّ باسيل عبر رسالة أميركية، ومفادها: “لم يعد بإمكانك الاستفادة من النظام المالي العالمي في ظلّ شراكة كاملة مع حزب الله يبلغ التناغم فيها حدّ الوصول إلى عتبة المؤسسة العسكرية والدخول في مواجهة مباشرة مع قائد الجيش”. ويأخذ المشهد مداه في ظلّ معاينة السفيرة الأميركية في خلدة تلتقي النائب طلال إرسلان في وقت بدأت إجراءات إقفال حسابات باسيل في المصارف!

مع ذلك، لم يستسلم الفرنسيون بعد. وقد قال الموفد الرئاسي باتريك دوريل لرئيس الجمهورية صراحة: “مع عقوبات أميركية أو من دونها، يجب تسهيل ولادة الحكومة فوراً”.

وفق المعلومات، لا تغيير حتّى الآن في أجندة الرئيس إيمانويل ماكرون الذي سيزور بيروت الشهر المقبل لتفقّد القوات الفرنسية العاملة ضمن “اليونفيل” في الجنوب. ولأنّ التعبئة الفرنسية مستمرّة، قد تشهد الزيارة دخولاً “ماكرونياً” مباشراً على الخطّ الحكومي عبر لقاءات مع القيادات اللبنانية. لكنّ هذا الأمر غير مؤكّد بعد بسبب عدم وضوح موقف الإليزيه عقب زيارة الموفد الرئاسي باتريك دوريل الفاشلة إلى لبنان، ولأنّ عدم ولادة الحكومة قبل هذا الوقت قد يدفع ماكرون إلى التزام الدبلوماسية السلبية حيال معرقلي تأليف الحكومة.

أما مؤتمر “المجموعة الدولية لدعم لبنان”، فمؤجّل حكماً إلى ما بعد ولادة الحكومة، فيما مؤتمر المساعدات الإنسانية مرتبط بمدى الجهوزية الأميركية والأوروبية والخليجية للمشاركة فيه. وحتى الآن يتأرجح بين خياري التأجيل والانعقاد بسبب الانزعاج الفرنسي من المشهد الحكومي. وفي حال انعقاده في موعده نهاية الشهر الحالي، فإنّ مشاركة الرئيس الأميركي مستبعدة، هو المنكوب بنتائج الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب، الذي سبق له أن شارك في مؤتمر 9 آب.

 

في هذا السياق، لم يكن أمراً هامشياً، انكفاء ماكرون عن الواجهة، وتركه لمستشاريه مهمّة تذليل العقبات بعيد تكليف الحريري، فيما كان يتدخّل بشكل مباشر أكثر في مرحلة مصطفى أديب، وأحياناً كان يتّصل بمسؤولين لبنانيين أكثر من مرة خلال النهار الواحد.

يقول مطلّعون على الموقف الفرنسي: “نموذج مصطفى أديب كان المطلوب فرنسياً، وليس نموذج سعد لحريري، لعلمهم بتعقيدات هذا الخيار على مستوى الفرز السياسي القائم. مع ذلك، خضعت باريس لواقع استخدام الحريري، أديب، كجسر لوصوله إلى السراي، ثم تقديم نفسه رئيساً لحكومة إدارة الحلّ. لكن هذا المسار أعاق المبادرة الفرنسية، ولم يسهلّ ترجمتها بحكومة إصلاحات”.

ويؤكد هؤلاء أنّ “تقديم الحريري مسودّة وزارية في ظلّ ترنّح المبادرة الفرنسية والحصار الأميركي على حزب الله وباسيل، سيقود حكماً إلى رفضها من قبل رئيس الجمهورية. وهو الأمر الذي لا يزال الحريري يتجنّبه منعاً لسلوك العلاقة مع عون مساراً أكثر اضطراباً”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى