في عهد دونالد ترامب، حظِيت المملكة العربية السعودية بكلّ الاهتمام الذي كان يمكن أن تريده من الولايات المتحدة. وفي حين يبدو أن رئاسة (جو) بايدن ستُنهي احتفالات الحب هذه، إلّا أن قادة المملكة قد لا يمانعون ذلك.
يتهيّأ الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله، وليّ العهد الأمير محمد، من أجل خسارة الكثير ممّا جنوه خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب في منصبه، بما في ذلك مبيعات الأسلحة التي تمّت الموافقة عليها على عجل، وتخفيف الضغط على انتهاكات حقوق الإنسان، وأيضاً قناةٌ خلفية عبر صهر الرئيس جاريد كوشنر.
ولكن حتى بوجود معجب صريح بالوقود الأحفوري في البيت الأبيض، جاءت الأوقات الجيّدة بشيء أقلّ فائدة: سياسةٌ خارجية أميركية متقلّبة وغير متوقّعة في بعض الأحيان، أثارت فيها واشنطن التوتّرات مع إيران وتحدثت بحزم، لكنّها لم تستجب أبداً بقوّة لضربات الصواريخ على منشآت النفط السعودية.
قد تبدو إدارة جو بايدن للوهلة الأولى كأنها سيئة بالنسبة إلى أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، ولوليّ العهد الذي يدير البلاد إلى حدّ كبير، والذي تولّى دوره بعد أقلّ من عام على تولّي ترامب منصبه. ومع ذلك، في حين أنه سيكون هناك مزيد من التدقيق، ولا سيما في ما يتعلّق بحقوق الإنسان، فقد تُتاح للبلاد فرصة في رئيس أميركي لا يختلف كثيراً عن ترامب في النظر إلى المملكة، على أنّها حليفٌ مهمّ في منطقة مضطربة.
“ما أرادته السعودية هو أن يُنظر إليها على أنها دولة مثل أيّ دولة أخرى، وأن تكون رائدة في مجموعة العشرين، وأن تتمتّع بالشرعية”، قالت كارين يونغ، الباحثة المقيمة في معهد “أميركان إنتربرايز”. “ما يمكن أن تقدّمه إدارة بايدن هو أن تقول: حسناً، أنتم تريدون أن تُعاملوا مثل أيّ شريك آخر في الشرق الأوسط، لا علاقة خاصّة أكثر من ذلك” (…).

التغيّر المناخي
بينما لم يقم ترامب بأيّ محاولة لإخفاء دعمه للوقود الأحفوري، قال بايدن إنه سيعود للانضمام إلى اتفاقيات باريس للمناخ بمجرّد توليه منصبه. يدلّ تبنيه لأجندة تغيّر المناخ على الزخم العالمي المتزايد لانتقال الطاقة بعيداً عن النفط وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى، وهو ما قد يكون التحدّي الأكبر لمستقبل السعودية، على المدى الطويل. ولكن في الوقت الحالي، أكد بايدن أن السعودية شريكٌ “مهمّ” في الحفاظ على الاستقرار في أسواق الطاقة والشرق الأوسط (…).
فريق بايدن الانتقالي رفض التعليق عندما طُلب منه مناقشة مقاربة الرئيس المنتخب للسعودية. لكن أثناء حملته الانتخابية، أشار بايدن إلى تلك البلاد على أنها “منبوذة”، وقال إنه سينهي دعمه للحرب في اليمن، حيث يقاتل التحالف، الذي تقوده السعودية، الحوثيين المتحالفين مع إيران، منذ أكثر من خمس سنوات، في جهود لإعادة الحكومة المعترف بها دولياً، مساهماً في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

الحفاظ على الهدوء
“يجب أن ندرك قيمة التعاون في مكافحة الإرهاب وردع إيران”، قال بايدن أمام “مجلس العلاقات الخارجية” في تموز/ يوليو 2019. “لكن يجب على أميركا التشديد على الإجراءات السعودية المسؤولة، وفرض عواقب على الأعمال المتهوّرة”. مثل هذه التعهّدات بالتعاون ساعدت على الحفاظ على الهدوء في السعودية. يُدرك المسؤولون أنها نغمة أقلّ قسوة من تلك التي اتخذها الرئيس باراك أوباما، عندما تحدّث مرّة عن “الحليف المزعوم”، وقال إن على السعودية أن “تتشارك” المنطقة مع إيران. كذلك، شعرت قيادة المملكة العربية السعودية بالهدوء بعد تصريحات بايدن السابقة، التي قال فيها إنّه بينما يريد العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي تخلّى عنه ترامب، يريد أيضاً متابعة المفاوضات لتعزيز الاتفاق (…).
بالنسبة إلى السعوديين، هناك أيضاً مسألة الثقة بإدارة ترامب. اهتزّت ثقة المملكة في فريق ترامب العام الماضي، بعدما ردّ الرئيس بكلمات قاسية، من دون أن يتّخذ أيّ إجراء، عندما أصابت صواريخ وطائرات مسيّرة انطلقت من إيران حقل نفطٍ سعودياً وأكبر منشأة لمعالجة النفط الخام في العالم، في بقيق. تدرك المملكة، أيضاً، أنّ إدارة بايدن قد تكون أكثر صرامة تجاه تركيا، الخصم السعودي، في حين رفض ترامب إلى حدّ كبير انتقاد الرئيس رجب طيب إردوغان (…).
(بلومبرغ / نيك وادامز ــــ فيفيان نيريم ــــ بتصرّف)