تحقيقات - ملفات

ظروف سوريا المريرة والعصيبة.. العقوبات الغربية تنهش الجسد السوري المنهك وسط صمتٍ مخزٍ

الوقت- على مشارف نهاية عام 2020 وفي وقت مرّ فيه المجتمع الدولي برمته بعام مأساوي وصعب بسبب تفشي فيروس كورونا والضغط الاقتصادي، هناك في قلب منطقة غرب آسيا أو بعبارة أخرى في المركز الرئيس للأزمة في هذا المنطقة بعد عام 2011 يمر السوريون بأيام أكثر مأساوية، حيث تشير الأدلة والتقارير إلى أنه نتيجة ضغط العقوبات الأمريكية والأوروبية، أصبح وضع الرفاه الاجتماعي والمشاكل التي يواجهها المواطنون السوريون في أزمة الآن، فيما يستمر التدخل الأجنبي والإصرار الغربي على فرض عقوبات على الحكومة السورية.

على الرغم من أن الحكومة السورية قد اتخذت في السنوات الأخيرة بعد تحرير العديد من المحافظات والأراضي في البلاد من أيدي الجماعات الإرهابية، خطوات جادة لإعادة الاستقرار إلى هذه المناطق وتحسين أوضاع النازحين، ولكن من ناحية أخرى، استمرار التدخل الأجنبي ومن جهة أخرى، مهدت العقوبات الغربية على دمشق الطريق لاستمرار الأزمة وتدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا، وفي خضم ذلك، لا شك أن قانون “قيصر” ، الذي دخل حيز التنفيذ في الـ 17 من حزيران 2020، بأمر من دونالد ترامب، ألحق أضراراً بمختلف قطاعات الاقتصاد السوري ومهد الطريق لأزمة كبيرة للشعب السوري.

في الواقع أن العقوبات الأمريكية الجديدة على سوريا فرضت بموجب قانون أقره الكونجرس بعنوان “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين”، لكن النتيجة الحتمية كانت فرض المشاكل والمعاناة على المواطنين والمدنيين السوريين، ولفهم الوضع الاجتماعي المتدهور في سوريا، يمكن مراجعة تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، حيث يستعرض هذا التقرير الوضع الاجتماعي المرير في سوريا على مستويات مختلفة، والتي يمكن بلا شك اعتبار محركاتها الرئيسة هي سياسات وتدخلات الدول الغربية في شؤون هذا البلد.

الوضع الصعب في مواجهة تفشي كورونا

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن تفشي كورونا في سوريا آخذ في الارتفاع بسبب العقوبات التي تجعل من المستحيل إجراء فحوصات تسمى اختبارات كورونا، ومن ناحية أخرى، لا تملك حكومة دمشق الموارد المالية اللازمة لتوفير المرافق الطبية اللازمة. نتيجة لذلك، لا تتوافر إحصاءات دقيقة عن عدد الحالات ووفيات كورونا في البلاد على مستويات مختلفة.

ووفق تقرير هذا المكتب، فإن الطاقة الاستيعابية لجميع أسرة المستشفيات في محافظات السويداء وحمص وعدة محافظات أخرى ممتلئة وهذا في وضع لا يذهب فيه كثير من الناس إلى المستشفيات إطلاقا ويصابون بفيروس كورونا، كما تضاعف عدد المصابين ثلاث مرات مقارنة بالأشهر السابقة، وهذا في وضع يواجه فيه الهيكل التعليمي في سوريا أزمة كبيرة بسبب استمرار الأزمة في سوريا، وقد أقلق ذلك منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

ويقول تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه إضافة إلى كورونا، فإن نحو ثلثي أطفال سوريا الآن خارج المدرسة بسبب الأزمة المستمرة وانعدام الأمن، حتى إن العديد من المعلمين يتحدثون عن ترك الاطفال الدراسة بسبب الفقر وعدم القدرة المالية.

مضاعفة سعر الخبز

وفي جزء آخر من تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تم الاهتمام في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وخاصة سعر “الخبز”، حيث تضاعف سعر الخبز في الأشهر الأخيرة بسبب العقوبات، في وقت يضطر فيه السوريون إلى الانتظار في طوابير طويلة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

يشار إلى أنه منذ عام 2013، لم تواجه أسعار السلع تضخماً مرتفعاً مثلما حدث في عام 2020، ما يعكس التأثير المباشر للعقوبات القاسية التي فرضتها الحكومة الأمريكية وانتشار كورونا ايضاً، ووفقاً للإحصاءات، فإن 80٪ من اللاجئين السوريين الآن يقولون إن دخلهم لا يغطي نفقاتهم، كما أن حالة الأسر التي تكون فيها المرأة مسؤولة عن تأمين الدخل هي أكثر صعوبة.

وقف النمو الطبيعي للأطفال

كما هو الحال مع أي أزمة أو حرب، يبدو أن التأثير الخطير للأزمة المستمرة في سوريا والتدخل الأجنبي في ذلك البلد يضر بحياة المراهقين وصحتهم، ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يعاني 34٪ من الأطفال دون سن الخامسة في شمال غرب سوريا من توقف النمو، كذلك، في مخيمات اللاجئين شمال غرب سوريا، التي تسيطر عليها القوات الإرهابية والجيش التركي، تواجه 37٪ من النساء مشكلة سوء التغذية.

وفيما يتعلق بالوضع الأمني، ذكر تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن استئناف الأعمال العدائية في شمال البلاد يهدد حياة المدنيين، ربما يكون هذا مرتبطًاً باستخدام المدنيين من قبل الجماعات الإرهابية كدرع دفاعي.

مشكلة توفير مياه الشرب في الحسكة وتل تمر

قضية أخرى أثارها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هي تدهور وضع توفير مياه الشرب في محافظتي الحسكة وتل تمر شمال شرق سوريا، في الواقع، قطع الإرهابيون المدعومون من تركيا والذين سيطروا على محطة ضخ المياه في آبار علوك المصدر الرئيس لمياه الشرب في الحسكة، مياه الشرب في الحسكة وبلدة تل تمر والأحياء المجاورة، حيث تقع محطة ضخ المياه هذه بالقرب من الحدود السورية التركية، وهي المصدر الرئيس لتوفير مياه الشرب في الحسكة وجميع الأحياء السكنية على طول خط ضخ المياه من علوك إلى محطة ضخ المياه في الحمة الواقعة غرب الحسكة.

مخاوف بشأن الوضع الإنساني في مخيمات اللاجئين

من دواعي القلق الأخرى التي أثارها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الظروف المعيشية السيئة في مخيمات اللاجئين في شمال سوريا، حيث يذكر تقرير الأمم المتحدة أنه في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، أوقفت الإدارة الذاتية أنشطة الصليب الأحمر العربي في مخيمي الهول وروج، ما أدى إلى عدم تلقي 65 ألف شخص المساعدات في هذه المخيمات، كما أكد التقرير أن وضع الأطفال في مخيمات اللاجئين غير مناسب لنموهم البدني والعقلي الطبيعي.

لكن في الوقت الذي فرضت فيه العقوبات الغربية ضغوطًاً اقتصادية على الشعب السوري بقدر ما فرضت الحرب الأهلية المدمرة، وأضعفت قدرات دمشق في إعادة بناء المناطق المدمرة وإعادة اللاجئين، أدلى مندوب ألمانيا في مجلس الأمن مؤخراً بادعاءات مشبوهة، وبعد الجدال الكلامي مع المبعوثين الصيني والروسي دعا إلى إرسال المساعدات الإنسانية عبر ممرات لا تسيطر عليها الحكومة المركزية، والتي كانت لسنوات مسرحاً لتردد الإرهابيين ونقل الأسلحة العسكرية. حيث قوبل الطلب برد حاد من قبل ممثلي روسيا والصين، الذين اعتبروا أن العقوبات هي السبب الرئيس لمعاناة الشعب السوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى