تحقيقات - ملفات

عونيون سابقون ومستقلّون في ورشة تنظيميّة… لتأسيس جبهة

كريستال خوري -أساس ميديا

الوضع على شفير الهاوية. لا بل صار في الحضيض. جلّ ما تفعله الطبقة السياسية هو تقاذف الاتهامات والتفرّج على الهيكل يسقط فوق رؤوس الجميع. رغم أنّ مكوّناتها تعرف في قرارة نفسها أنّها فقدت صدقيّتها ومشروعيتها الشعبية وأنّها تلفظ أنفاسها الأخيرة وتعيش على أوكسيجين منع الانهيار، لا بل تحاول ابتزاز المجتمع الدولي على قاعدة “نحن أو الفوضى”!

في المقابل، لا تزال محاولات المجتمع المدني لايجاد أطر بديلة للقوى الحاكمة أو وضع حلول عمليّة للأزمة المستعصيّة، المتعدّدة الأوجه، تواجه تحدّي انقسام هذه المجموعات وخلافاتها الداخلية، ويُخشى أن تصير بدورها نسخة مجدّدة عن القوى التقليدية.

ولهذا، تسعى مجموعة من الناشطين، بعضهم عونيون سابقون، مستقلّون، حزبيون سابقون وضبّاط متقاعدون، يتجاوز عددهم السبعين كادراً، للانطلاقة في مشروع تنظيمي عملي، يُخرج أسلوب التفكير من “الصندوق المقفل”، بحثاً عن أفكار تخترق جمود الاستسلام الحاصل.

عدد المشاركين مدروس ربطاً بالظروف الصحيّة ولتمكين هؤلاء من التفكير بهدوء والمشاركة على نحو فعّال. وسيلتقي هؤلاء يوم السبت المقبل بعيداً عن الإعلام، ضمن ورشة تنظيميّة داخلية. تحمل هدفين:

أولاً: تنظيم الصفوف في محاولة لوضع أسس عملية لعملهم (مكتب تنسيق، لجان متخصصة، توزيع المهام…).

ثانياً: وضع قواعد المرحلة المقبلة. فالجميع على قناعة أنّ البلد أمام مفترق خطير لا سيما على المستوى الاقتصاديّ، وحتّى في ما خصّ بنيان الدولة ومؤسساتها المهدّدة بالسقوط بضربة الانهيار النقدي والمالي.

كُثر يشعرون أنّ هذه المرحلة تستدعي تحرّكاً استثنائياً بحيث لا يمكن السكوت أو الاستسلام لجشع الطبقة السياسية واستهتارها بمصير الناس ولقمة عيشهم، لذا كان لا بدّ من بدء التفكير بصوت عالٍ والبحث في كيفية صياغة أطر بديلة للأحزاب والقوى الموجودة التي لا تخجل من عجزها فتقف أمام حائط مسدود مكتوفة الأيدي. وكان لا بدّ من تقديم أفكار إنقاذية جديدة.

صحيح أنّ المجتمع المدني فرز الكثير من التجمّعات والمجموعات والمحاولات الفردية والجماعية لابتكار أطر تنظيميّة جديدة بديلة عن تلك القائمة، لكنّ مساعي توحيد المقاربات والأفكار بين هذه المجموعات، لم تصل إلى نتيجة مرضية. لذا تحاول هذه المجموعة تذليل العقبات التي تحول دون التقائها عند خطوط مشتركة. ويمكن القول إنّ الهدف المتوسّط الأمد لورشة العمل المنتظرة، هو وضع مقاربات مشتركة لمجموعات تفكّر على نحو متشابه، علّها تكون المحاولة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يحلّ الطوفان الكبير.

في الواقع، تخشى هذه المجموعات أن تصيب لوثة الصراعات القوى الجديدة التي خرجت من نبض الشارع وتجربته خلال السنوات الأخيرة، فتنسى أهدافها وتغرق في متاهة تقاذف كرة الاتهامات بالمسؤولية عن تردّي الوضع والفشل في إمكانية تقديم مشروع بديل. لذا بدأ النقاش على نحو هادئ ورصين لا يهدف إلى البروز الإعلامي بل يسعى إلى مواجهة التحديات استعداداً لكل الاستحقاقات المقبلة، الاقتصادية والسياسية وصولاً إلى الانتخابات النيابية.

يضع هؤلاء أمامهم رزمة أفكار اقتصاديّة وسياسيّة وماليّة وإصلاحيّة، كما فعل كُثر غيرهم. لكنّهم في المقابل مقتنعون أنّ كلّ هذه الطروحات لم يُبتكر لها آليات التنفيذ والضغط اللازم لكي تصير أفعالاً، فبقيت حبراً على ورق. من هنا، يبحث هؤلاء في كيفية نقل الأفكار إلى أوراق عمليّة يمكن لها أن تكون صيغاً بديلة لما تقدمّه السلطة، وتكون مادة إقناع للمجتمع الدولي بأنّ اللبنانيين ليسوا على صورة حكّامهم وأنّهم يستحقّون فرصة الإنقاذ والنهوض بالبلد رغم المآسي التي تحيط به.

وستنتهي الورشة إلى وضع مقرّرات عملية، وستسمّي لجاناً متخصصة لمتابعة المهام على نحو يوميّ ومكثّف، بالتوازي مع أجندة تحرّك تهدف للتواصل مع مجموعات أخرى سياسيّة ونقابيّة وحزبيّة ومدنيّة تشبه مكونات هذه المجموعة في طريقة التفكير، من خلال عرض خلاصة الورشة والعمل على وضع أطر تنظيميّة للعمل المشترك.

الهدف هو تكريس نوع من التناغم بين مجموعات حزبية سبق لها أن عملت سوياً وناضلت سوياً، في محاولة لتأسيس جبهة وطنية عابرة للمناطق، قادرة على بثّ الأمل في نفوس الرأي العام وإقناعه بأنّ ثمة بدائل للسلطة الموجودة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى