الحدث

الأشهر الأربعة المُقبلة هي الأخطر.. أزمة سد النهضة تعود إلى الواجهة وتجَدد الحديث في القاهرة عن سيناريوهات للحل العسكري

أربعة أشهر هي المدة التي تفصل مصر والسودان عن موعد المرحلة الثانية من ملء خزان سد النهضة الإثيوبي المقررة في شهر تموز (يوليو) المقبل، لاتخاذ الإجراءات اللازمة دبلوماسيا أو عسكريا لمنع إثيوبيا من الإقدام على هذه الخطوة التي ستشكل خطرا وجوديا على البلدين.

جميع الحلول والوساطات الدبلوماسية سواء تلك التي تقدمت بها الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، والاتحاد الإفريقي بائت بالفشل بسبب الرفض الإثيوبي لها، وتبين أن حكومة آبي أحمد الحالية تراهن على كسب الوقت، وترفض أي تنازل من جانبها يحفظ حقوق الجانبين المصري والسوداني المائية، وتعتبر السيادة على السد خطاً أحمر، وتؤكد أنها ستمضي قدما في المرحلة الثانية سواء باتفاق أو بدونه.

الدكتور أحمد المفتي العضو السابق في وفد السودان المشارك في مفاوضات سد النهضة أكد أن الأراضي التي أقيم عليها السد ملك السودان، وقال في حديث مع محطة “العربية” قبل يومين إن بلاده منحت الأراضي التي أقيم عليها السد لإثيوبيا بمقتضى اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين عام 1902 شريطة ألا تقيم إثيوبيا أي سدود على النيل الأزرق في هذه المنطقة دون موافقة الخرطوم.

إثيوبيا لم تلتزم بهذه الاتفاقية، ومضت قدما في بناء السد، وملء خزانه بالمياه على ثلاث مراحل، حسب الجدول الزمني الذي وضعته الأمر الذي سيهدد 20 مليون نسمة، أي نصف سكان السودان للمجاعة، حسب أقوال الدكتور المفتي، علاوة على أكثر من خمسة ملايين أسرة مصرية، وتخفيض كمية الكهرباء التي يولدها السد العالي بأكثر من 50 بالمئة، ومشاكل بيئية واقتصادية ليس لها حدود.

من الواضح أن الاتحاد الإفريقي ينظر بفتور إلى هذا الخلاف المتصاعد، ولا يمارس أي ضغوط على إثيوبيا للتعاون وتخفيض التوتر وهناك من يتهم الاتحاد في مصر بالتواطؤ مع النظام الإثيوبي، وهذا ما يفسر فشل جميع جولات المفاوضات التي رعاها الاتحاد بحضور مندوبي الدول الثلاث.

الحكومة المصرية تلتزم الصمت، وتمنع أي تحريض في الإعلام المصري على اللجوء لاستخدام القوة كملاذ أخير، ولكن مصادر مصرية مقربة من دائرة صناعة القرار في القاهرة، أكدت أن هذا الصمت لا يعني عدم وجود سيناريوهات وخطط طوارئ عسكرية تحديدا، يمكن اللجوء إليها إذا تأكد فشل جميع الحلول السلمية، وهذا الاحتمال هو الأكثر ترجيحا.

سد النهضة لا يبعد عن الحدود السودانية أكثر من 25 كيلومترا، أي أنه في مرمى المدفعية، ناهيك عن الصواريخ الحديثة، وإذا لجأت كل من السودان ومصر للحل العسكري فإن احتمالات التدمير كبيرة جدا، إذا جرى اتخاذ القرار من القيادة السياسية في البلدين.

إدارة جو بايدن لا تكن الكثير من الود للقيادة المصرية التي تعتبرها حليفه لإدارة الرئيس ترامب، وتملك ملفا حافلا بانتهاكات حقوق الإنسان، ولهذا قررت تجميد  العقوبات الأمريكية التي فرضتها الإدارة السابقة على الحكومة الإثيوبية لتهربها من توقيع اتفاق جرى التوصل إليه في مفاوضات واشنطن تحت رعايتها (أي إدارة ترامب) وصندوق النقد الدولي، والأهم من ذلك أن إدارة بايدن إذا استمرت في فرض هذه العقوبات فإن ذلك يعود إلى انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم تيغراي من قبل النظام الإثيوبي، وليس بسبب موقفه المتعنت تجاه الحلول السلمية لحل أزمة سد النهضة.

“إسرائيل” هي التي تقف خلف هذا التعنت وهي التي تحرض الرئيس آبي أحمد على رفض الحلول السلمية، وتقف خلف نصب بطاريات الصواريخ الحديثة التي تحمي السد، لأنها لا تريد الاستقرار لمصر والسودان معا.

التطور الأهم هو تراجع النظام السوداني مؤخرا عن مواقفه “الوسطية” أو بالأحرى الداعمة لإثيوبيا في أزمة السد، وتوصله إلى قناعة راسخة بأن ملء إثيوبيا لخزان السد بحوالي 74 مليار متر مكعب من المياه، سيدمر سد الرصراص السوداني، و”سيجوع” 20 مليون مواطن، وينسف معظم، إن لم يكن كل، مشاريع السودان المائية  الأخرى.

مرونة القيادة المصرية في الملف الليبي في الفترة الأخيرة، وانفتاحها على حكومة طرابلس، وإعادة فتح سفارتها فيها، كلها خطوات جاءت في إطار الاستعدادات للأزمة الأكبر التي اسمها سد النهضة التي عادت إلى الواجهة بقوة في الفترة الأخيرة في ظل غياب الخيارات التفاوضية السلمية.

وقوف مصر والسودان في جبهة موحدة ضد التعنت الإثيوبي سيكون تطورا حاسما في أي حرب مقبلة، وليس من المستبعد حدوث تطورات وتشكيل تحالفات عسكرية مهمة جدا في الأسابيع المقبلة في هذا المضمار، وما علينا إلا الانتظار.


المصدر:
 متابعات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى