الحدث

الخطوط مقطوعة بين بكركي وحارة حريك


اندريه قصاص-لبنان24

لا يزال كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله حول موضوع التدويل يفعل فعله في الأوساط السياسية، التي ترصد ردود الفعل الدولية على تحذيره من أن التدويل هو مشروع حرب جديدة في لبنان، وتلميحه إلى أن بكركي “تمزح بهذا الموضوع”، الأمر الذي أثار ردّة فعل فورية من قبل البطريرك الراعي، الذي كان له ردّ غير متأخر على كلام نصرالله عبر صحيفة “النهار”، ووضع النقاط على الحروف عندما تحدّث عن فشل الحلول الداخلية.

وفي عظته يوم الأحد كان للراعي موقف واضح من هذا الموضوع إذ قال “إن ما نطمح إليه عبر هذا المؤتمر هو دولة موحدة بشعبها وأرضها، بشرعيتها وقرارها، بمؤسساتها وجيشها، بدستورها وميثاقها؛ ودولة قوية تبني سلمها على أساس مصلحتها الوطنية وحق شعبها بالعيش الآمن، لا على أساس مصالح دولٍ أخرى؛ ودولة ديمقراطية حضارية تعيش زمانها، وتواصل رسالتها في بيئتها المشرقية بتلاقي الحضارتين المسيحية والإسلامية والعيش المشترك النموذجي”.

فالعاملون على تحييد لبنان عن صراعات الخارج وفك أسر حكومة المهمة الإنقاذية، لم تزدهم إطلالة السيد نصرالله سوى قناعة ويقين بأنّ التعايش مع الواقع الداخلي المأزوم لم يعد ممكناً، وأنه لا بدّ من التفتيش عن حلول ممكنة للأزمة اللبنانية العالقة في عنق زجاجة المصالح الضيقة من جهة ومصلحة البعض في ربط أزمات الداخل بأزمات الخارج.

ووفق بعض الأوساط القريبة من بكركي فان الراعي يُصرّ على مواجهة مشروع تغيير هوية البلد وخطفه وإدخاله في سياسة المحاور بالقوة، وقد رفع سقف مواقفه وطالب بعقد مؤتمر دولي يطرح القضية اللبنانية على بساط البحث طالما أنّ الداخل عجز عن الارتقاء إلى مستوى المسؤولية وأمعن في تعميق أزمات اللبنانيين بدل حلّها.

وفي رأي هذه الأوساط أن البطريرك الماروني لا يبدو في وارد التراجع عن رفع الراية السيادية وإعلائها فوق كل الرايات الداخلية والدخيلة على البلد. وأكدوا في ردّهم على كلام نصرالله أن بكركي لا تمزح في الأمور الجدّية والسيادية، مشيرين إلى أن تاريخ بكركي معروف بالنسبة إلى وحدة البلد وسيادته.

وتشير تلك الأوساط إلى أن “كل دعوات البطريرك هي من أجل حماية لبنان وتجنيبه الأزمات والفراغات المتتالية التي سئم منها الشعب وأوصلته الى الهاوية، فلا يجوز عند كل استحقاق أن يُعلّق عمل المؤسسات وندخل في حلقة فراغ طويل.
وتنقل عن الراعي قوله أن هناك فقدان ثقة بين كل المكونات اللبنانية حتى داخل الصف الواحد، والحلّ يكون إما بجلوس اللبنانيين مع بعضهم البعض وتحمّل المسؤولية ووضع مصلحة لبنان أولاً، وإما يثبتون أنهم غير مؤهلين للقيام بمثل هكذا مهمة، وبالتالي يجب طلب مساعدة الأسرة الدولية التي هي مجبرة على مساعدة لبنان لأنه عضو مؤسس في الامم المتحدة وجامعة الدول العربية.

وتلفت تلك الأوساط البطريركية إلى أن الردّ على طروحات الراعي لا يتمّ بالتخوين او عبر الإعلام، فإذا كان لأحد ملاحظات على طروحات البطريرك فليصعد إلى بكركي ويناقشها معه. فأبواب بكركي مفتوحة أمام الجميع.

إذاً لم يعد بالإمكان إخفاء مدى التباعد الذي يحصل بين بكركي و”حزب الله”. فالراعي يؤكّد أنه يخوض معركة الحفاظ على هوية لبنان المتقدّم، لبنان مستشفى الشرق ومدرسته وجامعته ومركز إستقطاب الشرق والغرب، والتشبّث بالهوية التي بناها الأجداد، في حين أن “حزب الله” يعتبر أنه يخوض حرب الأمة ومعركة الحفاظ على لبنان من ضمن محور الممانعة الأكبر الممتد من إيران إلى سوريا، وبالتالي فإن أي تلاقٍ بين هذين المحورين يبدو بعيدًا أقله في المرحلة المنظورة، علمًا أن خطوط التواصل بين بكركي وحارة حريك مقطوعة منذ مدة غير قصيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى