تحقيقات - ملفات

صفقة تبادل الاسرى اليمنيين تفشل.. وما زال العدوان يدّعي الإنسانية!

الوقت- أنطلقت في 24 كانون الثاني الماضي، مفاوضات جديدة بين حكومة الرئيس اليمني المستقيل “عبد ربه منصور هادي” وحكومة الإنقاذ الوطنية التي تتخذ من العاصمة صنعاء مقراً لها وذلك لتبادل الأسرى والمحتجزين، في العاصمة الاردينة عمّان، بعد إطلاق سراح 1065 أسيرا ومعتقلا في تشرين الأول الماضي، في صفقة تبادل بين الجانبين ولكن هذه المرة فشلت المفاوضات بسبب تعّنت الجانب اليمني الموالي لتحالف العدوان السعودي الإماراتي. وحول هذا السياق، أعلن رئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة لصنعاء، “عبد القادر المرتضى”، يوم الأحد، انتهاء المفاوضات على ملف الأسرى في العاصمة الأردنية عمّان دون إحراز أي تقدم.

وأوضح “المرتضى”، في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إن سبب فشل جولة المفاوضات المنعقدة بإشراف أممي، كان تعنت من وصفهم بقوى العدوان ومرتزقتهم وأكد أن صنعاء حاولت بكل الطرق انجاح المفاوضات، وقدمت عدداً من المقترحات المنصفة لتجاوز الخلافات لكن دون جدوى. وأضاف: “حاولنا إنجاح مفاوضات عمّان وقدمنا عدداً من المقترحات المنصفة لتجاوز الخلافات لكن دون جدوى”. وأوضح أنهُ خلال جولة عمّان حاول الطرف الآخر القفز على ما تم الاتفاق عليه سابقا بوضع اشتراطات جديدة خارج الاتفاق، مشيراً إلى أن الاختلاف الذي ساد حتى التفاهمات بين وفد الطرف الاخر كان سبباً رئيساً في فشل هذه الجولة. ولفت “المرتضى” إلى أن الأطراف التي شاركت في المفاوضات هي حزب الاصلاح وممثل عن جبهات الساحل الغربي والمحافظات الجنوبية وممثلين عن السعودية.

وتابع رئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة لصنعاء، قائلًا: إن “دور الأمم المتحدة لم يرق للمستوى المطلوب وكان اسلوب المداراة للطرف الآخر هو السائد خلال مدة المفاوضات”. وأكد “المرتضى” أن موقف السعودية سيء جدا وتتحمل النسبة الأكبر من مسؤولية فشل هذه الجولة. وأردف قائلًا: “طالبنا قوى العدوان بإطلاق سراح المختطفة سميرة مارش وسائر النساء اللواتي تم اختطافهن في مأرب، وابلغناهم استعدادنا مقايضتهن بأسرى موجودين لدينا لكن الطرف الآخر رفض.” وأضاف: “عرضنا عملية تبادل بأسرى يمنيين وسودانيين تم أسرهم في جبهات الحدود فرفضوا إلا بعد إطلاق سراح الأسرى السعوديين. وأكد أن مزايدة أطراف العدوان بإنسانية ملف الأسرى ما هي إلا شعارات لا تتجاوز صفحات الإعلام. وهنا تجدر الاشارة أيضا إلى أن حكومة صنعاء تشترط أيضا إخراج الأسرى الفلسطينيين في السعودية مقابل إطلاق الطيارين السعوديين المحتجزين لديها. وكان رئيس لجنة الأسرى في وفد صنعاء، “عبدالقادر المرتضى”، أشار في تغريدات سابقة إلى عرقلة حزب الأصلاح، أبرز قوى “منصور هادي” لأي تقدم يحرز في إشارة إلى رفض الحزب السير في انجاز صفقة جديدة في تبادل الأسرى نظرا لحكر “هادي” هذه الجولة التي كان يفترض أن تطلق سراح أكثر من 400 أسير من الطرفين واستثناء قيادات في حزب الإصلاح على راسهم القيادي المعروف “محمد قحطان”.

ولقد كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن الأمم المتحدة نظمت على مدى الأسابيع الماضية مفاوضات مباشرة بين وفدي صنعاء و”هادي”، وحققت توافقا مبدئيا على بعض الأسماء، لكن انتهاء المباحثات دون تحقيق تقدم يذكر يشير إلى انهيار ما تم تحقيقه خلال الفترة الماضية. ولقد أعرب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، “مارتن غريفيث”، يوم الأحد الماضية، عن خيبة أمله لانتهاء جولة مشاورات بين الحكومة اليمنية المستقيلة وحكومة صنعاء، دون اتفاق على تبادل للأسرى، فيما تبادل الطرفان اتهامات بالمسؤولية عن الفشل.

واختتم الاجتماع الخامس للجنة الإشراف على تنفيذ اتفاقية تبادل الأسرى والمعتقلين بين أطراف النزاع في اليمن، بالعاصمة الأردنية عمان، برئاسة مكتب “غريفيث”، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وفق بيان للمكتب الأممي. وقال “غريفيث”، في بيان له: “أشعر بخيبة أمل لأن هذه الجولة من المحادثات لم تصل إلى مستوى ما رأيناه بسويسرا في أيلول الماضي؛ والتي أسفرت عن الإفراج التاريخي عن 1056 أسيرا”. وأفاد بأنه “على الرغم من أن الأطراف لم تتفق على الإفراج عن أسرى خلال هذه الجولة من المحادثات، لكنها التزمت بمواصلة مناقشة معايير عملية إطلاق موسعة في المستقبل”. وحث “غريفيث” الطرفين على “مواصلة مناقشاتهما ومشاوراتهما، والانتهاء من تنفيذ ما اتفقا عليه، وتوسيع الترتيبات لإطلاق سراح المزيد من المعتقلين قريبا”. ودعا إلى “الإفراج غير المشروط عن جميع المرضى والجرحى وكبار السن والأطفال المعتقلين والمدنيين المحتجزين بمن فيهم النساء والصحفيون”.

ومن جانبه، علق عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء “محمد علي الحوثي” على ما اعتبره إفشال التحالف لمفاوضات تبادل الأسرى. وقال “الحوثي” في تغريدة على تويتر، مساء يوم السبت الماضي، إن “افشال العدوان إنجاز التبادل مقابل التبادل في ملف الأسرى الانساني يبعث رسالة بعدم الجدية في الحلول”. وأضاف، إن ذلك “يؤكد أن دعوات السلام التي تطلق لم يترافق معها برامج عملية ولا حلول واقعية ودليل عدم الجدية لإيقاف المأساة اليمنية لإيقاف العدوان وآثاره”. وفي تشرين الأول 2020، أنجزت أكبر عملية لتبادل الأسرى في اليمن، برعاية الأمم المتحدة وتيسير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد مفاوضات بين الجانبين استمرت لأكثر من سنتين، آخرها الجولة التي احتضنتها مدينة مونترو السويسرية في 27 أيلول الماضي. وشملت العملية إطلاق 1081 محتجزا وأسيرا، بينهم 15 عسكريا سعوديا وأربعة عسكريين سودانيين، ضمن قوات تحالف العدوان الذي تقوده السعودية.

وعلى صعيد متصل، يرى الصحفي والكاتب اليمني “حميد رزق” أن حكومة “منصور هادي” المستقيلة لا يملكون جديداً ليقدموه غير التصعيد العسكري والتعنت في أي بادرة لعودة الحل السياسي، مشيراً إلى أن فشل مفاوضات الأردن ضمن سياق تفكير حكومة الفنادق التي تقابل جهود المجتمع الدولي دائماً بالتصعيد ومحاولات فرض أمر واقع جديد. ولفت “رزق” إلى ما يقوم به تحالف العدوان السعودي من الزج بمرتزقته في محاولات لمنع سقوط مأرب، موضحاً أن بقية القضايا، ومنها ملف المفاوضات حول الأسرى والمعتقلين، يعتبرها تحالف العدوان السعودي مجرد أوراق للضغط. ويعتقد “رزق” أن ما يحدث “يقود اليمنيين إلى مراحل أخرى من التصعيد العسكري، وخاصة على جبهة مأرب، وسط دعوات لتحرك بقية الجبهات”، مشيراً إلى أن الرأي السديد كما يراه كثير من اليمنيين هو توحد صفوفهم لمواجهة هذه التحالف الغاشم الذي لن يرضخ لمنطق السياسة إلا بكسره عسكرياً إلى حد بعيد.

وتابع: “من المؤكد أن التحركات الأمريكية تقدم لتحالف العدوان السعودي سبباً آخر للتعنت ومواصلة العمل العسكري لفرض إرادتها على اليمنيين، لذلك ليس جديداً الحديث عن حالات الدلال التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع تحالف العدوان، فثمة اعتقاد راسخ أن حياة اليمنيين على كل المستويات ستكون أفضل لولا تراخي المجتمع الدولي مع قادة تحالف العدوان السعودي. وانتقد في حديثه أيضاً المجتمع الدولي قائلاً: “إنهم لا يتركون خيارات متساوية لليمنيين، فالضغط الأكبر يمارس على حكومة صنعاء”. وحول سبب إطالة الحرب يقول “رزق”: “دخلت أجندات كثيرة ومتباينة لكثير من القوى الإقليمية والدولية على تفاصيل الحرب، ما عمق مأساة اليمنيين، لذلك نحن أمام تحالف دولي بربري يقدم دلائل كثيرة على أن ميدانه السلاح والحرب، ولا يترك مجالاً آخر للتعامل معه غير ميدان الجبهات”.

وعلى هذا المنوال نفسه، كشف الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة صنعاء العميد “عبدالخالق العجري”، يوم الأحد الماضي، أنه عقب فشل المفاوضات لتحرير الاسرى، قام أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية بعملية أمنية خاطفة تمكنوا عبرها من تحرير تسعة أسرى من أحد السجون في مدينة مأرب. وأوضح العميد “العجري” أن فريقاً تابعاً لوزارة الداخلية نفذ عملية أمنية خاصة لاقتحام أحد السجون التابعة للمرتزقة في مدينة مأرب، وتحرير تسعة من أسرى الجيش واللجان الشعبية. ولفت متحدث وزارة الداخلية إلى أن قرار تنفيذ العملية تم بعد أن أكدت المعلومات قيام المرتزقة بالتفاوض على بيع بقية الأسرى البالغ عددهم تسعة ضباط سعوديين، موضحاً أن تحرير الأسرى التسعة وإخراجهم من مدينة مأرب إلى مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية تمت خلال ساعات قليلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى