الديار

اجواء العاصمة الفرنسية لا توحي بالتفاؤل… والاستياء بلغ ذروته

ينذر المشهد الإعتراضي والغاضب في الشارع بالأمس، بعمق وخطورة المنعطف الذي سيسلكه الوضع في المرحلة المقبلة، والتي قد تكون هي الأخطر في تاريخه المعاصر، خصوصاً أن الشارع يتّجه إلى خطوات تصعيدية قد تفوق ما حصل في الأيام المنصرمة بكثير، إذ لدى المعنيين معلومات عن مشاركة أحزاب عديدة في تحرّكات نوعية بدأت تُسَجّل في الساعات الـ 24 الماضية، وذلك على إيقاع الإرتفاع السريع لسعر صرف الدولار في الأسواق، إلى بيانات ستصدر عن قوى سياسية تطالب بخطوات سياسية ودستورية لإعادة تكوين السلطة والمؤسّسات الدستورية من جديد، كونها باتت محشورة بمحازبيها وجمهورها، وأن أحزاباً تاريخية كانت تقدم في كل المحطات والتحركات المطلبية إلى دفع المحازبين إلى الشارع، بدأت الآن تدرس هذه الخيارات. وبناء عليه، هناك توجّه للإنخراط في الشارع من قوى لم يسبق لها أن شاركت منذ ثورة 17 تشرين، ما يدلّ على أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من التطورات، وهذا ما حذّر منه مرجع سياسي خلال لقاء مع بعض مساعديه، وأكد لهم على «ضرورة تحصين المنطقة بالسلع الأساسية، والتيقّن من أي فتنة تُحاك».

وعندما سئل عن الإستحقاقات المقبلة والحكومة، قال لهم، أنه «يستبعد حصول ذلك في هذه المرحلة، لأن البلد سيبقى وحتى الصيف المقبل، في دائرة الخطر الشديد، ولن تأتي إليه أي مساعدات من الخارج، على غرار ما كان يحصل في مرحلة الحرب»، ليعود ويشدّد على «ضرورة اتخاذ إجراءات تموينية تحديداً، خوفاً من الآتي، في ظل غياب الدولة ومؤسّساتها والشحّ المالي».

وفي سياق متصل، لا ينحصر التشاؤم على المعطى المحلي، بل يُنقَل، وفق مصادر عليمة، أن الإستياء الفرنسي من المسؤولين اللبنانيين بلغ ذروته، وثمة معلومات، عن تجميد المبادرة الفرنسية في هذه المرحلة، بغية انتظار الإدارة الأميركية وما ستقدم عليه على الخط الإيراني والشرق أوسطي بشكل عام، كذلك، أن التطورات الأخيرة في لبنان وارتفاع منسوب الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، فذلك أيضاً كان له وقعه في باريس التي فشلت باتصالاتها في تقريب وجهات النظر بينهما، وقد برز ذلك بعد عودة الحريري من باريس بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس إيمانويل ماكرون، وزيارته في اليوم التالي للرئيس ميشال عون، والذي شكّل الدليل على «كَسر الجَرّة» بين بعبدا وبيت الوسط ، والتأكيد بأنه لا حكومة في المدى المنظور، وربما أن الحريري لن يشكّل حكومة في هذا العهد.

وتضيف المصادر نفسها، مشيرة إلى أن أجواء العاصمة الباريسية تجاه لبنان لا توحي بأي تفاؤل، وهو ما يعبّر عنه كبار المسؤولين المقرّبين جداً من الإليزيه، ولهذه الغاية ألغيت زيارات بعضهم إلى بيروت، على اعتبار أن ليس هناك من معطيات إيجابية تؤشّر إلى إعادة تحريك ملفات التأليف، وبالتالي فإن مواقف الرئيس المكلّف الأخيرة تجاه حزب الله لدليل إضافي على خربطة أوراق التشكيل، وربما أكثر من ذلك، ربطاً بما يجري على الساحة المحلية من صراع سياسي غير مسبوق، ناهيك إلى ضبابية الوضع الإقليمي، وكل ذلك له صلة بالملف اللبناني المأزوم والمقفل في هذه المرحلة حتى بلورة الصورة في المنطقة.

ولكن القلق يبقى حاضراً بقوة وفق المعلومات التي يكشفها كبار المسؤولين، من صدامات في الشارع بعد تفاعل وتيرة الإحتجاجات وإمكانية دخول طوابير ومندسّين في التظاهرات، ذلك أن هذه الإحتجاجات مرشّحة لأن تعمّ معظم المناطق اللبنانية، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والإجتماعية والمالية، وغياب الحلول السياسية والإقتصادية، وفرملة المبادرات وحركة الموفدين الدوليين إلى بيروت، بعدما تكرّست قناعة لدى هؤلاء بصعوبة إيجاد الحلول للملف اللبناني، قبل الشروع في حل أزمة المنطقة، ولا سيما في سوريا والعراق.