تنبئ الأزمة القائمة حالياً بين الإدارة الأميركية الجديدة ورأس السلطة السعودية، بأن علاقات واشنطن والرياض لن تعود أبداً كما كانت. صحيح أن إقدام الولايات المتحدة على فعل مباشر من شأنه إطاحة محمد بن سلمان، يبدو مستبعداً ما لم يبدأ المتضرّرون في الداخل بالتحرُّك والضغط من أجل المطالبة بالتغيير، إلا أن التحوُّلات التي ما فتئت تطرأ على تلك العلاقات، شأنها شأن المتغيّرات المحيطة بالحكم وموازينه في المملكة، تشي بتعقيدات في عملية انتقال السلطة وترتيباتها، بما في ذلك بناء خريطة تحالفات كفيلة بتحقيق الاستقرار في الداخل وإقناع الخارج بجدوى التعامل معها كواقع نهائي.

صراع الأجنحة في المملكة السعودية كان يدور، على الدوام، حول مَن يحكم في المستقبل. يتجدَّد الصراع مع تبدُّل مسار السلطة، أو بالأحرى بناءً على الطريقة التي تنتقل عبرها السلطة. على مدى عقود، سلكت عملية الانتقال سبيلاً سهلاً، ليس فيه مخاطر ظاهرة أو باطنة، نتيجة توافقات مسبقة على تقاسم السلطة، ولأن توازن القوى داخل العائلة المالكة كان متكافئاً بالقدر الذي يمنع التصادم الداخلي، وإن لم يحسم النزاع إلى ما لا نهاية. في اللحظة التي وصل فيها سلمان إلى سدّة السلطة في 23 كانون الثاني/ يناير 2015، بدأت معركة المستقبل، فيما بدا أن كلّ التدابير البيروقراطية التي قام بها، منذ اليوم الأول، كانت لحسم الصراع على السلطة في المستقبل، أي الإجابة المبكرة عن سؤال: مَن يحكم السعودية بعد سلمان؟
هذا السؤال كان حاضراً بكثافة حتى قبل تشكُّل الدولة السعودية الحديثة سنة 1932. اشتغل عبد العزيز، المؤسِّس، على جعل المُلك في سلالته (الأبناء والأحفاد) واستبعاد الأجنحة الأخرى من آل سعود، بينما سعى سعود إلى اقتفاء سيرة والده بتوزيع السلطة على أبنائه، وقاد ذلك إلى انفجار الصراع بين الأجنحة في مطلع الستينيات: سعود وقلّة نادرة من حلفائه من جهة، وفيصل وحلفاؤه (السديريون السبعة وعبد الله، الملك لاحقاً، وآخرون) من جهة أخرى. كانت على فيصل مهمّة إعادة التوازن والانسجام داخل العائلة المالكة، ولذلك اختار تقاسُم السلطة مع حلفائه الذين ناصروه ضدّ سعود، مع أنه لم يغفل حصّته الوازنة في السلطة، فقد أمسك بالخارجية التي انتقلت لاحقاً إلى ابنه سعود حتى وفاته، إلى جانب توزير عدد من المقرّبين منه مثل الراحل الشيخ أحمد زكي يماني.
كان الملك خالد (1975 ــــ 1982) الوحيد مِن بين ملوك آل سعود الذي كان يَصدُق عليه مبدأ: يَملك ولا يَحكم. فإلى جانب غياب عضُد له من صلبه يراهن عليه أو يَنقل إليه جزءاً من ميراث الحكم، كان زاهداً في الحكم، تاركاً لفهد إدارة شؤون الدولة، الأمر الذي نتج منه تمدُّد الجناح السديري في جسد السلطة. وهو تمدّدٌ بدا طبيعياً، إذ أمسك فهد بالداخلية في عهد فيصل، ثمّ انتقلت إلى نايف بعدما أصبح فهد ولياً للعهد، فيما أمسك سلطان بالدفاع، وتشبّث عبد الله (من خارج السديريين) بالحرس الوطني الذي مَثّل رافعته إلى العرش عام 2005.
في المشهد التاريخي للمملكة السعودية، نحن أمام أربع مراحل فاصلة:
1- مرحلة المؤسِّس (عبد العزيز): 1932 – 1953
2- مرحلة ثنائية السلطة: 1953 – 2015
وقد طويت هاتان المرحلتان بكامل آثارهما.
3- مرحلة حكم الأسرة/ البيت: بدأت في كانون الثاني/ يناير 2015، وهي قيد الإنجاز، وتقوم على نقل السلطة من الأوليغارشية الموسَّعة (آل سعود) إلى الأوليغارشية الضيّقة (آل سلمان). وهي تتشكَّل في الوقت الراهن على وقع تحوُّلات كبرى بنيوية داخلية على مستوى منظومة الحكم بكامل حمولتها المسؤولة عن وحدة السلطة واستدامتها منذ دخول تحالف الأمير محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد العزيز حيّز التنفيذ سنة 1744.
4- المرحلة الرابعة: الأوتوقراطية الماكرة؛ وأقول ماكرة لأن هذا النظام يُراد تجميله وتسويقه عن طريق طائفة من الإصلاحات الاجتماعية المصمَّمة لأغراض اقتصادية خالصة، بفصلها عن أيّ تأثيرات سياسية محتملة، مع ترسيخ أسس سلطة الفرد، حيث تتجاوز سلطات ابن سلمان أمثالها لدى الملوك السابقين، بِمَن فيهم الملك عبد العزيز نفسه الذي كان يحكم البلاد وفق أوتوقراطية بدائية/ بدوية. هي مرحلة لا يزال يجري العمل عليها، ويتولّى سلمان نفسه إرساء بنيانها عن طريق تفويض وريثه سلطات لا حصر لها، بما يؤول إلى تجميع مفاصل السلطة في شخص واحد، أي محمد بن سلمان، الذي سوف يتحوّل إلى شاهنشاه جديد، مستبدلاً بالتاج الشماغ والعقال.في التداعيات، يزرع سلمان داخل بيته ألغاماً مرشّحة للانفجار عند أيّ احتكاك بين أبناء سلمان، ومع بدء تشكّل خريطة تحالفات جديدة عطفاً على تناقض المصالح أو التقائها بين الأمراء. ما فعله سلمان هو، ببساطة شديدة، تدمير مؤسسات الدولة السعودية القديمة: العائلة المالكة، المؤسّسة الدينية، التحالف القبلي، الاقتصاد الريعي والقديم. وبدلاً من ذلك، أقام دولة جديدة يقودها محمد بن سلمان، هو ومجموعة من معاونيه بدعم خارجي، وعلى أساس ليبرالية اجتماعية وبطش سياسي وأمني في الداخل. في النتائج، تآكلت القوى الداعمة للنظام، ما يجعل المصادمة معها محتملاً، وقد شهدنا بعض آياتها في اعتقال الأمراء والوزراء والتجار والناشطين. معركة النظام السعودي كانت لعقود طويلة مع الأطراف التي احتلّها بقوة السلاح، وفرض الإلحاق القسري عليها في الكيان السلطاني السعودي، في وقت فشلت فيه كلّ محاولات الاندماج الوطني لافتقارها إلى الأسس الوطنية المسؤولة عن الانتقال من الإمارة إلى الدولة الوطنية. أمّا اليوم، فما تشهده المملكة هو انتقال الصراع من المركز ــــ الأطراف إلى المركز ــــ المركز، وهنا تكمن الزعزعة العنيفة المحتملة وخطر التبعثر الكياني الذي يحدق بالدولة.
ليس الأمر على سبيل التمنّيات ولا التحليلات الطوباوية، فنحن أمام حقائق يصعب تجاوزها. صحيح أن ابن سلمان كسر خصومه، وصادر أموالهم، وحَرمهم حتى من مجرّد حريّة التنقل، ولكن ليس بهذه التدابير تُدار الدول، فخصوم النظام الآن هم أكثر بأضعاف من حلفائه. كان رهان ابن سلمان على الرعاية الأميركية الكاملة، في سياق التعويض عن كلّ الخسائر التي تسبّب بها في الداخل: تدمير العائلة المالكة، والمؤسّسة الدينية، والقبائل، والتجّار. تلك الرعاية، بختم دونالد ترامب حصرياً، تبخّرت، وبات أمام مشهد بالغ التعقيد مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض. صحيح أن إطاحة ابن سلمان احتمال مستبعد، بل غير وارد على الإطلاق، ولكن هذا لا يعني أن العلاقة بين واشنطن والرياض سوف تعود كما كانت. السيناريو الواقعي أميركياً أن إدارة بايدن لن تتحرّك ما لم يبدأ المتضرّرون في الداخل (أمراء، تجّار، إصلاحيون، مجموعات مدنية، ناشطون حقوقيون… إلخ) بالتحرُّك والضغط من أجل المطالبة بالتغيير. حينئذ، تجد هذه الإدارة لنفسها مبرّراً للضغط، لأن المصلحة الأميركية تستوجب ذلك. لا بدّ من الإشارة، هنا، إلى أن كلام المتحدّثة باسم البيت الأبيض حول استثناء قادة الدول من العقاب متهافت؛ فماذا عن الزعيم الكوبي، والرئيس الإيراني، والرئيس الفنزويلي، والرئيس السوري، والرئيس الكوري الشمالي… إلخ؟!
مهما يكن، فإن الرعاية الأميركية المأمولة لابن سلمان لن تتحقّق، وقد يستغلّ خصومه ذلك للتحرُّك داخلياً ودولياً لإطاحته، وهذا هو الوقت المناسب. وقد يكون البديل من إطاحته مباشرة باليد الأميركية، هو توفير ظروف داخلية ضاغطة تفضي إلى إضعاف عوامل بقائه في السلطة. النقطة الجوهرية هي أن أخطاء ابن سلمان بلغت من الفداحة والوضوح ما جعل إمكانية إعادة تفسيرها وتجاوزها مهمّة مستحيلة، وقد جرّب الطرفان السعودي والأميركي ذلك، وباءت محاولاتهما بالفشل. ومع فرضية نجاح ابن سلمان في تجاوُز تحدّيات الداخل والخارج، ومواصَلة تنفيذ مخطّط احتكار السلطة، فإن السيناريو الراجح أن الخصومة على السلطة في المستقبل سوف تحتدم داخل بيت سلمان.
ولكن على ماذا يراهن محمد؟ سؤال مفتاحي لفهم البدائل التي ابتكرها ابن سلمان وفريقه من أجل ملء الفراغ الناجم عن إقصاء العائلة، وتهميش دور المؤسّسة الدينية، وتحطيم القوى القبلية والاجتماعية المتحالفة مع آل سعود. ثمّة نقاط رئيسية عمل ابن سلمان وفريق مستشاريه على تحقيقها من أجل بناء سلطة مركزية صارمة، وتقويض مصادر التهديد المحتملة الآن وبعد موت سلمان:
1- إفقار الشعب: على الضدّ من وعود «رؤية السعودية 2030»، فإن الواقع الاقتصادي في المملكة يخضع لتأثيرات تحدّيات جدّية تقترب من حافة الاستعصاء الاقتصادي. يُعنَى بذلك افتقار السياسات الاقتصادية الراهنة إلى حلول لمشكلات تولّدت من مرحلة الانتقال من الدولة الريعية القائمة على أساس الاعتماد بشكل رئيسي على النفط وإعادة توزيع الدخل، إلى دولة الجباية التي جعلت من التحصيل الضريبي مصدراً رئيسياً للدخل تجاوَز في الفصل الثالث من العام 2020 الدخل من النفط نفسه. وعلى خلاف ما يشيعه الإعلام الرسمي، فإن نسبة البطالة تجاوزت المعدّلات القياسية، وبات لدينا، بحسب وسم على «تويتر»، «تجمُّع العاطلين السعوديين». إن نسبة 15.4 في المئة لا تتطابق مع معطيات «الهيئة العامة للإحصاء»، والتي تتجاوز معدّلات البطالة بين الذكور بحسبها نسبة 30 في المئة، فيما تصل بين الإناث إلى أكثر من 70 في المئة، في بلد يمثّل العمّال الوافدون تسعة ملايين عامل من أصل اثني عشر ألف عامل فيه. ترك التحوُّل الاقتصادي، على قاعدة تنويع مصادر الدخل، تأثيرات مباشرة على حياة الأفراد، وصار كثيرون يلجأون إلى مهن شعبية غير مألوفة مثل «البسطات» في الشوارع الرئيسية، والقبول بوظائف متدنّية وبأجور منخفضة لا تتطابق مع تخصّصاتهم وتحصيلهم الأكاديمي. وقد تحوّلت ذلك إلى ظاهرة عامة في مدن المملكة. وضاعفت الحزمة الضريبية القاسية جداً، الضغوط المعيشية على الأفراد، وتعالت نداءات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات «الضرائب هلكتنا» وأضرابها. وكان قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5 في المئة إلى 15 في المئة، في أيلول/ سبتمبر 2020، بمنزلة ضربة على الرأس، بات معها المواطن في مواجهة موجة أسعار عالية تطاول المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود وتذاكر السفر وغيرها. لم تمرّ هذه التغييرات من دون آثار اجتماعية خطيرة؛ إذ تفشّت ظواهر سرقة المصارف ومحطّات البنزين والمراكز التجارية، والتحايل، وغيرها. وبالنتيجة، كانت عملية الإفقار الممنهجة هي السبيل الوحيد لمشاغلة المواطن عن السلطة وشؤونها، وجعل اللهاث وراء تدبير الأمور المعيشية المهمة اليومية التي يضطلع بها غالبية المواطنين.

لا شيء يشغل بال ابن سلمان سوى العرش، وكلّ ما عداه تفاصيل

2ـ سحب مصادر القوة، سواء من الأمراء أو التجّار وخصوصاً من تجّار الحجاز (مثال: بكر بن لادن، شريك آل سعود في مشاريع توسعة الحرمين، والذي هو اليوم رهن الاعتقال)، ومصادرة أموال تجّار كبار في الحجاز مثل الراحل صالح كامل، ومحمد حسين العمودي (من أصول إثيوبية)، ومصادرة جزء كبير من أموال رجل الأعمال الحجازي إياد عبد الوهاب بافقيه (قدّرت بـ 40 مليون دولار)… وكلّ ذلك باسم «محاربة الفساد». فتحتَ هذه اللافتة، صادر ابن سلمان أموال الأمراء والتجّار، وحَطّم قوة الخصوم والمنافسين له على السلطة. والأهمّ أنه أحدث تغييرات هيكلية في الأجهزة البيروقراطية التي كانت تحت سلطة خصومه، كالأمن والدفاع والاستخبارات والداخلية والحرس الوطني، بهدف تبديل الولاءات ونقلها إليه شخصياً.
3- تغوُّل الأجهزة الأمنية، ولا سيما جهاز رئاسة أمن الدولة، إذ تحوّلت السعودية في عهد سلمان إلى دولة بوليسية بامتياز. ويأتي اعتماد سياسة الترهيب كوسيلة لبسط السيطرة، في سياق محاولة التعويض عن تآكل شرعية النظام وشعبيّته. ولأوّل مرة في تاريخ المملكة، يأخذ القمع طابعاً جماعياً، فما فشِل النظام فيه على مستوى بناء وطن للمواطنين، تكفّلت السجون به، وباتت هي الحاضنة لوطن يولد من خلف القضبان. وبحسب التقديرات غير الرسمية، هناك ما لا يقلّ عن عشرة آلاف سجين رأي في السجون السعودية، يقضون مدداً تصل إلى عشرين عاماً.
4- السعي إلى إعادة تنسيج علاقة متينة مع إدارة بايدن، وتقديم كلّ الإغراءات المطلوبة من أجل تعزيز التحالف الاستراتيجي مع واشنطن، وتوفير غطاء أميركي للنظام السعودي، وتجاوُز أزمة جمال خاشقجي من خلال القيام بتغييرات داخلية شكلية مثل تسوية الأزمة مع قطر، والإفراج عن عدد من المعتقلين والمعتقلات، ومعالجة الحرب على اليمن… الهدف من ذلك كله، هو إحباط نيّات بايدن في «معاقبة» ابن سلمان. ويبدو أن الرئيس الأميركي، بإطرائه على خطوة الإفراج عن لجين الهذلول، قد بعث برسالة إيجابية إلى وليّ العهد بأن الطريق يمكن أن يُفتح بخطوات مماثلة. كان نشر ما قيل إنه القسم المحجوب من التقرير الاستخباري في قضية خاشقجي امتحاناً جدّياً لصدقيّة إدارة بايدن، لأن ما بعد الكشف عن خبايا الجريمة ليس كما قبلها. بطبيعة الحال، فإن الشكل الذي خرج به التقرير يبعث على الارتياب لناحية لايقينيّة الأحكام والترجيحات الموهنة للمعطيات الواردة، وإن كان المسار العام يشير إلى دور ابن سلمان في الجريمة. من الواضح أن التقرير لم يُرِد توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى ابن سلمان، وقد فُسّر ذلك لاحقاً من قِبَل الإدارة نفسها بأن الغرض ليس معاقبة أشخاص، بل مراجعة علاقة واشنطن والرياض.
مهما يكن، فإن السعودية في عهد بايدن لن تختلف جوهرياً عمّا كانت عليه في عهد الإدارة السابقة. بكلمات أخرى، لا نتوقّع الكثير من هذه الإدارة، شأن الإدارات السابقة، لناحية تطوير سياسة داعمة للإصلاحات واحترام حقوق الإنسان، بل إن صخب التصريحات الأميركية حول السعودية سوف يهدأ تدريجياً، بعد أن تستكمل واشنطن شروط «دوزنة» العلاقة مع الرياض. وسوف تبقى الحقيقة القائمة: التحالف الاستراتيجي بين أميركا والسعودية لا يتأثر بحوادث مهما بلغت، ولدى الطرفين القدرة على التعامل مع الخلافات وتجاوزها. بكلمة: السعودية دولة وظيفية بالنسبة إلى أميركا، وكفى. نعم، ما أعطاه ترامب لابن سلمان لن يأخذه الأخير من بايدن، ولربّما كان من حسن الصدف أن ترامب وسَّع شقة الخلاف بين القيم الليبرالية والمصالح المادية للولايات المتحدة، بحيث جعل الترميم عملية شاقة وطويلة.
قد يكون ابن سلمان قد تنفّس الصعداء بعد نشر التقرير الاستخباري مشفوعاً بمواقف لا تحمل، في مآلاتها القصوى، تهديدات مباشرة لوراثته العرش. ولكن المتغيّرات المحيطة بالسلطة وموازينها في الداخل، وبأصل العلاقات السعودية ــــ الأميركية، وصولاً إلى صورة ابن سلمان على مستوى العالم، يجعل المراقب لمسار مستقبل السلطة محفوفاً بتعقيدات في عملية انتقال السلطة وترتيباتها، بما في ذلك بناء خريطة تحالفات كفيلة بتحقيق الاستقرار في الداخل وإقناع الخارج بجدوى التعامل معها كواقع نهائي.
في الأحوال كافة، لا شيء يشغل بال ابن سلمان سوى العرش، وكلّ ما عداه تفاصيل. هو يريد أن يحكم لنصف قرنٍ الجزيرة العربية، وأن يرثه من بعده ابنه سلمان. ولكن ما يحول دون تحقّق الحلم، هو صاحبه، بحماقاته التي لا تنقضي.