صنعاء | فشِل التصعيد العسكري الذي شهدته جبهات غرب محافظة تعز وسط البلاد، في تخفيف الضغط عن جبهات محيط مدينة مأرب. فبالتزامن مع تحقيق الجيش اليمني و”اللجان الشعبية”، خلال اليومين الماضيين، تقدُّماً عسكرياً في جبهة البلق القِبْلي المطلّ على المدينة، وتمكُّنهما من السيطرة النارية على ما تبقّى من مساحات في بحيرة سدّ مأرب، أوقفا تقدُّم القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في جبهات ريف تعز الغربي، وتمكَّنا من استعادة 80% من المناطق التي خرجت من دائرة سيطرتهما خلال الأيام الماضية، ليقلِبا المعادلة العسكرية في مختلف جبهات تعز لصالحهما في أقلّ من 48 ساعة، ويعيدا مسار المعركة إلى ما كان عليه قبل التصعيد الأخير الذي قادته ميليشيات “الحشد الشعبي” الموالية لتركيا وعدد من ألوية “محور تعز” التابع لحزب “الإصلاح”.
وأكدت مصادر محلية، لـ”الأخبار”، تمكُّن قوات صنعاء في جبهات غرب تعز، بعد تلقّيها تعزيزات من حكومة الإنقاذ، من استعادة معظم المناطق التي سقطت تحت سيطرة قوات هادي وميليشيات “الإصلاح”، وتحديداً جبال دراف والعرف وغباري غربي جبهة مقبنة. كما أكدت استعادة الجيش و”اللجان” السيطرة، أيضاً، على مناطق الطوير والكويحة وعدد من المواقع أقصى شمال الكدحة، فيما لا يزالان يخوضان مواجهات عنيفة في ما تَبقّى من مناطق الكدحة. ولفتت المصادر إلى أن المناطق التي تمدَّدت فيها قوات هادي في ريف تعز الغربي لم تكن جبهات قتال في وقت سابق، وكانت توجد فيها قوات أمنية تابعة لصنعاء من أجل تأمينها، مشيرة إلى أن المواجهات لا تزال دائرة بين الطرفين في جبهة البرح غربي تعز، وسط محاولات من قِبَل قوات هادي وميليشيات “الإصلاح” لإحراز تقدُّم باتجاه مدينة البرح التي تبعد 10 كيلومترات عن مسرح المواجهات.
وأدّت المواجهات، التي دارت خلال اليومين الماضيين في ثلاثة محاور، إلى مصرع عدد من القيادات العسكرية التابعة لقوات هادي، إضافة إلى سقوط العديد من عناصر تلك القوات قتلى وجرحى بعد استهداف تجمُّع لهم في الكدحة غربي تعز بصاروخ باليستي أطلقته قوات صنعاء. وأفادت مصادر محلية بأن عدداً من قيادات جبهة الكدحة سقطوا بين قتيل وجريح مساء أمس، إلى جانب قرابة 30 منتسباً من منتسبي “اللواء 35 – مدرّع” الموالي للإمارات. وبحسب المصادر، فإن من بين القتلى ركن اتصالات “اللواء العاشر – مشاة”، وعدداً من كبار الضباط في “اللواء 35 – مدرّع”. ويُعدّ هذا الهجوم الصاروخي الثاني في غضون أسبوع، بعد استهداف قوات صنعاء تجمُّعاً لميليشيات “الإصلاح” بطائرة مُسيّرة في الجبهة نفسها منتصف الأسبوع الماضي، أوقع عدداً من القتلى والجرحى، وأدّى إلى تصاعد الاتّهامات بين الموالين للإمارات وميليشيات “الإصلاح” التي أقدمت على اعتقال عدد من المواطنين بتهمة التخابر مع الجيش و”اللجان”. كما أفشلت العمليات الأخيرة لقوات صنعاء في مديريات ريف تعز الغربي، مساعي قادها قائد “اللواء 35 – مدرّع”، العميد عبد الرحمن الشمساني، المحسوب على “الإصلاح”، لضمّ بعض “ألوية العمالقة” الجنوبية المتمركزة في نطاق الساحل الغربي للقتال مع ميليشيات “الحشد الشعبي”. ووفقاً لمصادر مطّلعة، فقد فشلت توجيهات صادرة عن نائب هادي، الجنرال علي محسن الأحمر، في توحيد جبهات غربي تعز مع جبهات الساحل الغربي، حيث رفضت “ألوية العمالقة” الموجودة في أطراف منطقة الكدحة جميع مساعي “الإصلاح” وعروضه، ووجّهت بصدّ أيّ تقدُّم له باتجاه مناطق سيطرتها.

كذلك، استشعرت ميليشيات طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق، الموالية للإمارات، خطر “الإصلاح” القادم من ريف تعز الغربي. ولذا، كَثّفت وجودها في مناطق التماس مع مديريات غرب تعز خلال الأيام الماضية، كما شنّت حملة اعتقالات طاولت عدداً من الموالين للحزب في مديرية موزع المحاذية لمدينة المخا، والتي تتطلّع ميليشيات الإصلاح إلى الوصول اليها، والتقدُّم منها نحو المخا. وهو ما أكده رئيس فرع الحزب في تعز، عبد الحافظ الفقيه، في حوار صحافي قبل أيام، توعّد فيه بانتزاع الساحل الغربي من السيطرة الإماراتية، وطالب الميليشيات الموالية لأبو ظبي بالاعتراف بحكومة هادي وبـ”شرعيّته” كشرط للبقاء. واتهم الإمارات بالعمل على تقسيم تعز، معتبراً مساعيها لإعلان المخا والساحل الغربي محافظة مستقلّة “خطّاً أحمر”، قائلاً إن “مدينة المخا جزء لا يتجزّأ من محافظة تعز، بل تمثّل العمق الاستراتيجي لها”.
وبالتوازي مع استمرار المواجهات بين الجيش و”اللجان” وقوات هادي، تعرّض عدد من القيادات العسكرية الموالية للإمارات لعمليات تصفية في مناطق سيطرة “الإصلاح” غربي تعز خلال الأيام الماضية. فبالتزامن مع اتهام “كتائب أبو العباس” السلفية الموالية للإمارات، “الإصلاح”، بتصفية القيادي في الجماعة، طلال الدولار، بكمين مسلّح أثناء مروره في نطاق سيطرتها، نجا أركان حرب “اللواء الخامس – حرس رئاسي”، العميد عمار الجندبي، المناهض لـ”الإصلاح”، من محاولة اغتيال في جبهة مقبنة، أدّت إلى مقتل عدد من مرافقيه.