الحدث

هل سيُستدعى الحاجّ وفيق الى التحقيق؟

“ليبانون ديبايت” – وليد خوري

من القاضي فادي صوّان الى القاضي طارق بيطار، لم يفلح الإثنان بمعرفة من أتى بمواد الموت الى بيروت. رُغم كل التحقيقات والتقارير وعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية والأجنبية، لا جواب… كما لم يعرف القاضي صوان “المخلوع” في حينه، أن الشركات التي كانت تملك “روسوس” هي وهمية، لولا السلطات البريطانية وإعلامها.

وبالأمس القريب وفي سياق النفي ، نشرت مجلّة “دير شبيغل” الالمانية معلومات ذكرت فيها، بأن الروسي إيغور غريشوشكين ليس مالك السفينة، بل رجل الأعمال القبرصي شرالامبوس مانولّي، الذي يعمل مع أحد المصارف اللبنانية التي يتعامل معها “حزب الله”، حتى أن المحققين الاميركيين اتهموا الحزب بأنه يبيّض أمواله بواسطة هذا المصرف.

ولكن تقرير المجلة الالمانية تناول وقائع أخطر من تلك، حيث وردَ بأن الحرس الثوري الايراني، هو من أرسل ثلاث بواخر محمّلة بالنيترات للحزب منذ العام 2013! الامرالذي أكّدته جريدة “داي ويلت” ، بدءً من أول حمولة في السادس عشر من تموز 2013 ،وعرضت بالتفصيل كيف تمّت الدفوعات ثمن تلك الحمولات وتواريخ وصولها الى لبنان، بالإضافة إلى أن من كان يهتم لوجيستياً بالعمليات تلك، وهي عناصر تابعة لفيلق القدس إلى المدعو محمّد قصير المسؤول المالي مع رجل الاعمال مانولي المذكور. والغريب في كل ذلك بأن هذه المعلومات هي بتصرّف السلطات والأجهزة اللبنانيّة من الثاني والعشرين من أب 2020 أي بعدَ ثمانية عشر يوماً على قتل ما يفوق ال 200 ضحية وتدمير العاصمة وتهجير ثلاثماية ألف عائلة. فأين تحقيقات “الصوّان” من تلك المعلومات؟ لماذا لم يقم بواجبهِ الوظيفي والقضائي للكشف عن الحقيقة؟ أين الاجهزة التي أعدّت التقارير ووزّعت المسؤوليات وتجاهلت المعلومات الاجنبية عن توّرط “حزب الله”؟

لقدَ آثرَ القاضي صوّان على إظهار نفسه بطلاً في تحقيقات تفجيرالمرفأ ،إلاّ أنه لم يتمكن من مصارحة الشعب اللبناني وأهل الضحايا ، لا بمصدر شحنات الأمونيوم ولا كيفية تفجيرها وسبب ذلك، بل أضاع ستة أشهر لمعرفة الحقيقة التي ما زالت غير معروفة.

إن المنظومة التي تسعى الى توقيف “مين ما كان” والإسراع بإصدار قرار ظنّي وإحالة الملف الى المجلس العدلي، لم تنتبه الى الإعلام الاجنبي، وإلى أن تحقيق المرفأ هو تحتَ منظار العديد من الأجهزة الأمنية الاجنبية والدول والمعنيين في الامم المتحدة. مهما ” نفخنا” في هذا القاضي أم ذاك في الاعلام من بعض المحامين ووسائل الاعلام ، ومهما دار من تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي، يبقى الإخلال الوظيفي واحداً. فادي صوان لم يخذل فقط أهل الضحايا بل خذل لبنان، فهل سيلحق بهِ طارق بيطار أم سيعمل وفقاً لضمير الامة!

إحذر ممّن يحاول إلقاء اللوم على غيره ، في الوقت الذي لم يتمّ إثبات فيه وحتى تاريخه ، نظرية الإخلال الوظيفي أو المسؤولية التقصيرية، لسببٍ بسيط أن المحققين العدليين والأجهزة الامنية ، ليسوا على يقين ما إذا كان سبب التفجير، هو جهاز التلحيم الصغير الذي يعمل على البطارية! وبالتالي فالإخلال الوحيد الواحد ، هو تحقيقات صوان ومن خلفه من منظومة تتألّف من بعض النواب والقضاة والضباط ، الذين يؤسسون على نتائج تحقيقات صوان ليبدأوا مشوارهم السياسي، وهم عجّلوا الاستنتاجات والمواقف الداعمة لتحقيقات عقيمة، فعوقبوا بفقدان مصداقية محققهم.

هل ظنّ هؤلاء بأن أهالي الضحايا أغبياء أم ان الشعب اللبناني أهبل؟ هل سيصدق أياً كان، أن وضع بعض الضباط في السجن مع المدنيين يشفي غليل من قُتل، و من دون أن نعرف من أتى بالمواد الخطرة ونحاسبه ومن وضعها على رصيف العاصمة ونحاسبه ومن فجّرها وقتل شعبنا ودمّرَ عاصمتنا… فنحاسبه؟

هل سيستمع طارق البيطار إلى وزير الدفاع السابق يعقوب الصراف، الذي كاد أن “ينتحر” ليسمع إفادته صوان! هل سيستمع الى إفادة وزير الداخلية السابق عن الصاروخ الاسرائيلي الذي دمّر مرفأ بيروت؟ هل سيصغي الى ما قاله الوزير السابق وليد جنبلاط؟ هل سيطلب من الدول الاوروبية إفادته رسمياً عن كميّة نيترات الامونيوم التي ضُبطت في مخازن تابعة ل”حزبَ الله” في بلجيكا، فرنسا، اليونان، إيطاليا إسبانيا وسويسرا والمانيا في السنوات الاخيرة؟

والاسئلة الأهم التي يطرحها كل لبناني والتي يتعين على المحقق العدلي أن يجيب عليها هي: من كان يسيطر على الأمن في مرفا بيروت؟ لماذا لم يتمّ الدخول الى العنبر رقم 12؟ ما هو دور القاضي جاد معلوف في منع أي كان من ذلك؟ ولماذا تنصّلت كل الأجهزة الامنية من المسؤولية؟ وهل يعرف القاضي بيطار نتيجة فحص التربة التي أخذت عيّنة منها الأجهزة الألمانية لمقارنتها مع نيترات “حزب الله” المضبوطة لديها.

وبالنتيجة هل سيُستدعى الحاجّ وفيق صفا الى التحقيق؟ وهل كان لحزب الله تواجد امني في المرفأ؟ ومن يسعى الى “ضبضبة” التحقيق أيها المحقق العدلي؟ التسرّع والولدنة يدمّران الحقيقة.

الشعب اللبناني يجلس في الصف الأول ،ليشاهد، إما نهاية العدالة والحقيقة والأمل بقضاء نزيه وإما نهاية الظلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى