الحدث

هل يتحرك الشارع من تلقاء نفسه ام وفق الأجندات السياسية ؟

إبتسام شديد-الديار

اختلافات جوهرية بين ١٧ تشرين واحتجاجات اذار في الظروف والأحداث

من المنطقي القول ان العودة الى الشارع وتصاعد وتيرة الاحتجاجات التي غمرت المناطق من أقصى الشمال الى البقاع وبيروت وضواحيها نتيجة طبيعية للوضع الاقتصادي المهترىء وتفاقم الفقر والعوز، وأن ما يحصل صرخة وجع موجهة من الشعب الى المسؤولين عن الأزمات والطبقة السياسية الفاسدة التي أدخلت البلاد في أتون الانهيار ، كما من المنطقي القول ان الاحتجاجات لن تتوقف بل هي مرشحة لأن تزيد وتيرتها تتضاعف طالما ان الدولار يواصل ارتفاعاته الصاروخية وطالما ان لا أحد يأبه لايجاد حلول للأزمات التي يغرق فيها الناس حيث أصبحت البلاد مهددة بالعتمة الشاملة وارتفاع قياسي لأسعار السلع الغذائية والمحروقات.

المؤكد ان الشارع وفق التنظيم الذي يحصل في المناطق لم يخرج من تلقاء نفسه ردا على ارتفاع الدولار وانهيار العملة الوطنية ومأسي الناس فقط انما هناك ترابط بالأزمات وملف تأليف الحكومة والملفات المتفجرة على الساحة ، وليس بعيدا عن الأجندات السياسية للأحزاب والقوى السياسية لممارسة المزيد من الضغوط في اطار تحسين شروط التأليف .

الا ان التفسير المنطقي الثاني ان الشارع ما كان ليعود بهذه القوة لولا لم تحصل «قبة باط» سياسية لترك الناس تعبر عن رأيها ودفع الأمور نحو الفلتان والتصعيد وقد بدا واضحا من خلال تظاهرات مناطقية في نقاط محددة ان القوى السياسية ليست بعيدة عما يحصل في الشارع، بدليل ان الاحتجاجات تتحرك في الوقت نفسه حيث تبدأ الاحتجاجات بالظهور واحراق الدواليب بالتنسيق بين التظاهرات اضافة الى التغطية التلفزيونية بنقل وقائع الشارع والتوقف عند ساعة معينة، الأمر الأكثر وضوحا يتمثل في غياب مجموعات الثورة الماضية وبعض وجوههها عن تظاهرات اليوم حيث تؤكد مصادر سياسية غياب مجموعات أساسية كانت تتقدم الصف الأول في انتفاضة ١٧ تشرين لأنها لا تريد ان يتم ركوب موجة الثورة الماضية وان تقوم أحزاب السلطة بسرقة موجة الانتفاضة.

كما يؤكد العونيون ان الشارع يتحرك تحت وطأة الازمات بالدرجة الأولى لكن هناك من يحاول تسييس الشارع وأخذه في اتجاهات محددة لممارسة الضغط على بعبدا لاسقاط العهد وتشويه صورته وتحميله وحده مسؤولية ما يحصل من أزمات ولاشاحة النظر عن ملفات معينة والضغط على العهد في موضوع التدقيق الجنائي الذي يصر رئيس الجمهورية على انهائه، بالمقابل يعتبر المقربون من المستقبل ان الاحتجاجات الشعبية هي مطلبية بالدرجة الأولى فالشعب يختنق تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والحياتية .

رصد المنحى التصاعدي للاحتجاجات المتنقلة لا يدل على ان وتيرتها ستسشهد تراجعا طالما القوى السياسية في موقف المتفرج على الانهيار من دون ان تبادر الى خطوات انقاذية، وفق مصادر سياسية، فان الاختلاف كبير بين انتفاضة ١٧ تشرين واحتجاجات شهر اذار الحالي فالانتفاضة الأولى حصلت بسبب ضريبة ال٦ سنت وفي بداية الانهيار تحت عنوان الفساد أما اليوم فالدولار صار قريبا من مساحة لبنان (١٠٤٥٢)، والتظاهرات على وقع التأزم السياسي والمتغيرات الاقليمية بعد وصول ادارة أميركية جديدة الى الحكم، ومع دخول الملف اللبناني المرحلة الحاسمة مع طروحات التدويل التي يطالب بها فريق لبناني، كما ان انتفاضة اليوم الشعبية هي على أبواب انفجار اجتماعي كبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى