الحدث

*موسكو تتحدى استفزاز الغرب باغلاق حزام البحار الثلاثة *

محمد صادق الحسيني-وكالة نيوز
يخطئ الكثيرون من المحللين والصحفيين والمعلقين ، وحتى السياسيين ، بربط التحركات العسكريه الروسيه الواسعة النطاق ، وعمليات المناوره الواسعه بالقوات ، في جنوب غرب البلاد ، وفي بحار قزوين وآزوف والبحر الاسود ، عندما ينطلقون من ان هذه المناوره بتلك القوات ، الجو فضائيه  والبحرية والبريه  ، اضافة الى القوات الخاصه الروسيه وقوات الانزال الجوي ، التي تم نقل العديد من وحداتها الى المنطقه العسكريه الرابعه والخمسين ، في جنوب غرب البلاد ، انما هي تدريبات روتينية عادية او ان القصد منها تهديد اوكرانيا او التدخل العسكري لمساندة جمهوريتي دونيتسك ولوغانيسك اللتين استقلتا عن اوكرانيا حديثاً .
ان الهدف الاساسي من هذه المناورات الكبرى ، لاختبار الجاهزيه القتاليه للقوات ، هو تأكيد قدرة الردع الاستراتيجي التي تملكها روسيا ، سواء على صعيد شرق وجنوب شرق اوروبا ( اوكرانيا والبحر الاسود ) او على الصعيد الدولي العام . وهو ما يؤكده كلام وزير الدفاع الروسي ، الجنرال سيرغي شويغو ، عندما قال بتاريخ ٢٠/٤/٢٠٢١ ، خلال اجتماع في وزارة الدفاع : ” تجري متابعة الاوضاع غير المستقره في عدد من دول الشرق الاوسط وجنوب القوقاز ، حيث تجبرنا محاولات حلف شمال الاطلسي لعرقلة الاستقرار هناك على اتخاذ اجراءات متكافئه للردع الاستراتيجي وزيادة القدرات القتالية لقوات المنطقه العسكرية الجنوبيه .
اذن ، فهي مناورات الردع الاستراتيجي ، الذي وضع خطوطاً للصد الاستراتيجي ، ضد الولايات المتحده وحلف شمال الاطلسي ، ليس فقط في شرق وجنوب شرق اوروبا ، وانما في القوقاز و”الشرق الاوسط” والعين على القطب الشمالي ، حيث يقيم الجيش الروسي منشآت عسكريه استراتيجيه غاية في الاهميه ، في تلك المنطقة ، تثير هلع الولايات المتحده والدول الاوروبيه ، وخاصة الاسكندنافية منها .
وقد أكد قائد القياده الاستراتيجيه الاميركيه ، وهي اعلى قيادة عسكريه امريكيه ، يقودها الجنرال شارلز ريتشارد ، على طبيعة هذه المناورات الروسيه الاستراتيجيه ، عندما قال قبل ايام : ان روسيا تجري مناورات عسكرية لا مثيل لها منذ الحرب الباردة . وهذا يعني ان الجنرال ريتشارد على وعي تام لطبيعة هذه المناورات .
ولا بد من التنويه الى ضرورة النظر بشكل اكثر عمقاً لهذه التدريبات العسكريه الواسعة النطاق ، التي اعلن وزير الدفاع الروسي عن انتهائها اليوم ، في بيان صادر عن وزارة الدفاع الروسيه جاء فيه ان القياده العسكريه الروسيه ستبدأ بسحب القوات ، التي شاركت في عمليات فحص الجهوزيه القتاليه واعادتها الى قواعدها ، اعتباراً من يوم غدٍ الجمعه ‪٢٣/٤/٢٠٢١‬ .
لقد انطوت هذه المناورات على ابعاد عسكرية استراتيجية كبرى اهمها ما يلي :
١)قيام القياده العسكريه الروسيه في نقل جيشين روسيين كاملين ، اي ما يقارب ٢٥٠ الف جندي ، الى مسرح العمليات ، او الى الجبهه المفترضة ، خلال ايام قليله ، مع كل ما يتطلبه ذلك من قدرات على صعيد النقل الجوي والبري والبحري .
٢)نجاح هذه القياده في حشد عشرات الطائرات والمروحيات الحربيه ، في منطقة العمليات ، بسرعة وكفاءة عاليتين ، لا بل بسرعة قياسيه ، اظهرت الحجم الهائل لطاقات روسيا في عمليات الحشد الاستراتيجي ، في وقت قياسي ، عندما تدعو الضرورة الى ذلك .
٣)وكذلك الامر بالنسبة لنجاحها في حشد عدد كبير من السفن الحربيه المختلفه ، من اسطولي بحر قزوين والبحر الاسود ، وتشكيل قوة بحريه ضاربه ، قامت على الفور باغلاق مناطق واسعة من مياه البحر الاسود امام سفن العدو ، ما جعلها تظهر قدرة فائقة على قمع اي محاولة بحرية معاديه لتنفيذ اعتداءات على السيادة الروسيه ، على اليابسة ، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ، وفي البحر  كذلك .
٤)وانطلاقاً مما تقدم فان بالامكان القول ان المعركة ، في جنوب شرق أوكرانيًا وجنوب غرب روسيا والبحر الاسود ، قد حسمت استراتيجيا. ، حتى قبل ان تبدأ . اضافة الى التأكيد على قدرة وتصميم القياده الروسيه على التحرك الميداني الفوري ليس فقط في منطقة المناورات ، وانما ايضاً في القوقاز ومنطقة “الشرق الاوسط” .
علماً ان في ذلك رسالةً واضحة وشديدة اللهجه ، الى كل من الولايات المتحده وتركيا ، تنص على ضرورة البدء في الاستعداد للانسحاب الفوري من الاراضي السورية المحتله تركياً وامريكياً ، وان لدى روسيا ما يكفي من القدرات العسكريه والاراده الصلبة على وقف العبث الغربي في العمق الاستراتيجي الروسي .
٥) ولم يكن تصريح وزير الدفاع الروسي الصادر اليوم ، بعد الاعلان عن انتهاء المناورات وبدء سحب الوحدات التي شاركت فيها ، اعتبارا من يوم غد الجمعه  ‪٢٣/٤/٢٠٢١‬ ، نقول ان تصريح الوزير الروسي اليوم والذي قال فيه ان القوات الروسيه قادرة  ومصممة على الرد على اي خطأ قد ترتكبه قوات حلف شمال الاطلسي في البحر الاسود ، خلال المناورات التي ستجريها هناك ، الا تأكيد على تصميم القياده الروسيه على حماية سيادتها بالكامل وعلى مواصلة دعم حلفائها في القوقاز و”الشرق الاوسط” بالقدر الكافي لانهاء العدوان الاميركي الاطلسي على هذه الدول وشعوبها .
بعدنا طيبين قولوا الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى