الحدث

هذا زمن أميركا وايران؟


نبيه البرجي-الديار

انقضى الزمن الذي كان الفرنسيون يقولون فيه «لبنان ينتج اللبنانيين» كوننا الأكثر تفاعلاً مع ديناميكية الحداثة، وقبل أن يعود بنا أولياء أمرنا الى دوقيات القرن الثامن عشر، وربما الى ما قبل الكائن البشري…

لا ندري ما اذا كان الاليزيه يستذكر وصف جورج بيكو للبنان بالـ «وديعة فرنسية»، أو وصف الملك لويس التاسع (القديس) للموارنة بـ «فرنسيي الشرق».

الأميركيون اقتحموا المشهد السياسي، وحتى المشهد السوسيولوجي، بقوة. لم نعد نعيش ما رأت فيها هوغيت كالان، ابنة الرئيس بشارة الخوري، «الدهشة الفرنسية» بين نابليون بونابرت وبريجيت باردو، وبينهما شارل بودلير. الآن لوثة الهوت دوغ والرول اند رول. السفارة الأميركية دولة داخل الدولة. دولة فوق الدولة…

لسنا وحدنا في هذه الحال. بدل «الوديعة الفرنسية» «الرهينة الأميركية». لا داعي لانهماك الفقهاء في تفسير «القضاء والقدر». أميركا التي انتزعت، عنوة، الكثير من صلاحيات الله باتت القضاء والقدر. اذ لاحظ أوليفيه روا ألاّ أنبياء اناث في الديانات الثلاث، وصف الولايات المتحدة بـأنها قد تكون «النبية الأنثى» التي فاقت بقدراتها كل الأنبياء الآخرين.

جان ـ ايف لودريان أطلق الانذار. لم يرف جفن لأي من أركان الطبقة السياسية. باريس لم تعد تعنيهم بقدر ما تعنيهم العواصم الأخرى. وزير الخارجية الفرنسي هدد بـ «اجراءات بحق من عرقلوا الحل»، على أن تكون الأيام المقبلة «مصيرية». لم ير الأزمة كـ «كارثة طبيعية»، بل ان المسؤولين عنها «معروفون جداً».

لا ندري ما اذا كان الاليزيه، أو الكي دورسيه، قد حصل على الضوء الأخضر الأميركي. ما يتردد أن أنطوني بلينكن لا يطيق ديفيد شينكر ويرى فيه «كيس القمامة». هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ليست لديها أدواتها في هذه المغارة التي كتب على بابها «الجمهورية اللبنانية»!

العيون كلها على فيينا. المدينة استقبلتِ المشاركين في مفاوضات الاتفاق النووي بسنفونية «الدانوب الأزرق» ليوهان شتراوس. للمرة الأولى الحبور على وجه الفريق الايراني. روبرت مالي ليس على شاكلة أي من أبالسة دونالد ترامب. هو من قال، عام 2015 «الليلة زهرة الغاردينيا لا القنبلة النووية».

وراء الضوء أن وليم بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، زوّد برنار ايميه، رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية، بوثائق «هائلة» حول ارتكابات، وثروات، شخصيات سياسية، ومالية، لبنانية. هذا يستدعي التساؤل ما اذا كانت العقوبات السياسية يمكن أن تؤثر في تلك الوجوه التي يبدو وكأنها صنعت من الصفيح.

على أمل ألاّ يكون الفرنسيون مثل الأميركيين لا ينظرون الى الفضائح الا من زاوية المصالح، وألاّ يكون صحيحاً ما أشاعه البعض حول تنسيق بينهم وبين المصريين.

منذ الأربعينات ومصر تضطلع بأدوار بناءة في لبنان. على مسافة من كل أطراف الصراع الذي وصفه صلاح جاهين، بـ «صراع الزوجات في غرفة النوم». جاءنا سامح شكري على رؤوس الأصابع وذهب على رؤوس الأصابع، بعدما عزز، بتركيزه على شخصيات دون أخرى، حالة الشقاق التي تسود الساحة اللبنانية.

تزامناً مع كلام لودريان، عاد الرئيس ميشال عون الى ارتداء الملابس المرقطة. «أنا الجنرال…». واضح أنه انتقل من سياسة الدفاع الى سياسة الهجوم بعدما باتت الصورة واضحة تماماً. أي كلام في نهاية العهد الذي أغرقه رجاله في الأنانيات القاتلة. الصوت العالي أتى بعد فوات الأوان. لقد انتهى كل شيءMON GENERAL…

اذاً قنبلة فرنسية وراء الباب. اجراءات قيل أنها تختلف عن العقوبات الأميركية، في محتواها وفي الغاية منها. هل تهتز الرؤوس فعلاً؟ قد تهتز لكنها لن تتدحرج.

واقعاً، شيء ما يشبه الغروب الفرنسي في لبنان. لا ايمانويل ماكرون لويس الرابع عشر، ولا جان ـ ايف لودريان شارل تاليران. هذا زمن أميركا وأيران. أي مفاجآت في انتظارنا اذا ما لاحظنا الغارات الاسرائيلية قرب دمشق ليلة المفاوضات المخملية في فيينا؟

تريدون أن تعلموا أين العرب؟ حسام زكي في ديارنا. يا لطرابيش، وأراكيل، بني عثمان!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى