الحدث

فلسطينيّو الـ 48 والضفّة يتقدمون المعركة: صواريخ غزة إلى ما بعد ما بعد تل أبيب

تصاعدت وتيرة ونوعية القصف الإسرائيلي وكذلك عداد الشهداء كما اغتيل قادة في المقاومة (أ ف ب )

 

الأخبار- رجب المدهون

غزة | منذ ساعات فجر أمس، يكثّف جيش الاحتلال محاولاته الضغط على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عبر تنفيذ سلسلة عمليات قصف مكثّفة لم يشهد القطاع مثيلاً لها في تاريخ صراعه مع الاحتلال، وذلك لثنيها عن الاستمرار في توجيه ضربات كبيرة إلى مستوطنات ومدن العمق، في وقت أخفق فيه الحراك الأممي والقطري، ومن خلفه المصري، للتوصل حتى إلى تهدئة اليوم بمناسبة عيد الفطر. فمع ساعات الفجر الأولى، نفذ جيش الاحتلال عملية اغتيال طاولت قياديَّين في جهاز الاستخبارات العسكرية للجناح العسكري لحركة «حماس» في منطقة تل الهوا، وأدى استهداف المنزل الذي كانا فيه إلى استشهادهما، بالإضافة إلى امرأة وطفلين وشاب كانا في المنزل. بعدها عاد الاحتلال لمعاندة المقاومة ورفض ضغطها عليه بالضربات الصاروخية ضمن معادلة الأبراج مقابل ضرب المدن المحتلة بدفعات كبيرة من الصواريخ ليدمّر برج «الجوهرة» الذي يضم مقارّ ومكاتب للعشرات من وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، الأمر الذي ردت عليه المقاومة بضربتين صاروخيتين كبيرتين لتل أبيب وعسقلان وبئر السبع واللد بأكثر من 350 صاروخاً بشكل متزامن، ما أدى إلى مقتل أربعة مستوطنين وإصابة العشرات وتدمير العديد من المنازل والمصالح الإسرائيلية بما فيها محطة تخزين الوقود في ميناء أسدود التي لا تزال النيران تشتعل فيها، ثم عاودت المقاومة قصف المحطة بعشرين صاروخاً أخرى.
على إثر الضربات الموجعة من المقاومة، جُنّ جنون الاحتلال لينفذ أكبر ضربة جوية على غزة خلال دقائق معدودة عبر سربين من الطائرات من طراز «إف ــ 16» و«إف ــ 35» التي ألقت أكثر من 100 صاروخ ثقيل على أهداف مختلفة في القطاع شملت مقارّ أمنية تابعة لوزارة الداخلية، إضافة إلى مفترقات طرق وأراضٍ فارغة وإلى محيط المقر الرئيسي لـ«وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين» (الأونروا) في غزة على أمل اصطياد كوادر للمقاومة، وهو ما فسرته مصادر محلية بأنه محاولة من الاحتلال لإرهاب المواطنين وضربهم بحرب نفسية كبيرة مع استخدام ضجيج ناري كبير، وخاصة أن ذلك كله لم يوقف صواريخ المقاومة لحظة واحدة. وبعد ساعات، كشفت «كتائب القسام» عن اغتيال قائدها في مدينة غزة باسم عيسى، وعدد من مساعديه أثناء عدوان الاحتلال على مواقع ومقدرات وكمائن المقاومة، من دون ذكر مزيد من التفاصيل، ليتبع ذلك عودة للضربات الصاروخية الكبيرة على عسقلان ومستوطنات «غلاف غزة» القريبة والبعيدة بيد «القسام» و«سرايا القدس» والفصائل الأخرى، ثم أتبعته الكتائب بضرب جيب عسكري تابع لمخابرات الاحتلال من نوع «ديفندر» في مستوطنة «نتيف هعسرا» بصاروخ موجه «كورنيت»، ما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة آخرين بجراح شديدة الخطورة بحسب المصادر العبرية، ثم قصفت المقاومة مكان الجيب بـ 21 قذيفة هاون خلال قدوم قوات الاحتلال لإخلاء الجنود. وفي هذه المنازلة، أعلن نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، صالح العاروري، أن الصواريخ التي أطلقتها الحركة خلال الأيام الماضية هي ضمن «المخزون القديم الذي ترغب في التخلص منه»، مؤكداً أن ما في «الجعبة لم يتم إخراجه حتى اللحظة».
واستمراراً لاستهداف الصحافيين ومقارهم دمرت طائرات الاحتلال وقت الظهيرة برج «الشروق» وسط مدينة غزة الذي يعدّ المقر الأكبر والأهم للصحافيين ويضم مقر فضائية «الأقصى» و«القدس اليوم» وعدداً من الوسائل المحلية والعربية والدولية وهو ما ردت عليه «القسام» بتنفيذ ضربة صاروخية بـ 15 صاروخاً على مدينة ديمونا و50 على إسدود ومينائها، إضافة إلى استهداف منصة الغاز قبالة غزة لأول مرة، ما أدى إلى تعليق العمل فيها. في المقابل، شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات دمر خلالها عدداً من المنازل في أحياء تل الزعتر والصبرة والشيخ رضوان ومدينة خان يونس، لترد المقاومة بإطلاق عدد من الصواريخ على مستوطنات «غلاف غزة» وعسقلان وساحلها، ما أجبر «الجبهة الداخلية» الإسرائيلية على دعوة المستوطنين إلى المكوث في الملاجئ حتى إشعار آخر على مسافة 80 كيلومتراً عن غزة. وكالعادة كما في كل يوم عند التاسعة مساء، وجّهت «سرايا القدس» ضربة صاروخية جديدة برشقة كبيرة ومركزة صوب تل أبيب وديمونا وأسدود وعسقلان و«سيديروت» والمدن والبلدات المحتلة رداً على استهداف الأبراج السكنية والمدنيين والعدوان المتواصل، ما أدى إلى وقوع 26 إصابة وأضرار كبيرة في عسقلان ومقتل مستوطن في «سيديروت». وسط ذلك، ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 67 شهيداً، بينهم 17 طفلاً وست نساء، و388 جريحاً، بينهم 115 طفلاً و50 سيدة ورجل مسن، وفق آخر تحديث نشرته وزارة الصحة الفلسطينية حتى الفجر.

وفي ساعة متأخرة من مساء أمس، شنت طائرات الاحتلال غارات مكثفة مشابهة للغارات الصباحية على شمال غزة، إذ استهدفت أسراب الطائرات مواقع عسكرية ومقارّ حكومية وثلاثة منازل مأهولة بالسكان على الأقل وفق مصادر محلية، ما أدى إلى وقوع شهداء وإصابات، فيما لم تتمكن طواقم الدفاع المدني من انتشال هذه العائلات بعد، لترد المقاومة فوراً بإطلاق رشقات صاروخية كبيرة على تل أبيب والقدس، وصولاً إلى الناصرة والجليل الغربي. في الوقت نفسه، حذرت شركة الكهرباء في غزة من أن مخزون الوقود في محطة التوليد يوشك على النفاد نهاية الأسبوع الجاري، ما سيؤدي إلى توقفها بالكامل جراء استمرار إغلاق الاحتلال معبر كرم أبو سالم ومنع إدخال شحنات الوقود، وهو ما سيؤثّر في المستشفيات التي تعيش حالات طوارئ نتيجة العدوان وتفشي وباء كورونا.
سياسياً، كشف العاروري أن الأمم المتحدة وقطر ومصر وجهات دولية أخرى تواصلت مع الحركة من أجل وقف المعركة مع الاحتلال، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ الوسطاء بأن مطلب الحركة لوقف القتال يتمثل في كف يد الاحتلال عن المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح ووقف العدوان كلياً وفي وقت واحد. أما في رام الله، وفي موقف باهت ومتأخر فقال رئيس السلطة، محمود عباس، إن «العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا في كل مكان وذلك العدوان على قطاع غزة الصامد تجاوز كل الحدود، ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق الدولية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى