غزّة | في الوقت الذي ارتفعت فيه حدّة تهديدات الاحتلال تجاه قطاع غزة، بما يشمل الاستمرار في سياسة الاغتيالات، تزامناً مع الجولات المكّوكية التي يقوم بها الوفد المصري بين القطاع وتل أبيب لتثبيت التهدئة، فاجأ قائد حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، العدوّ، بجولة علنية على بيوت عزاء الشهداء، حملت رسائل تحدٍّ كبيرة. وللمرّة الثالثة، وصل الوفد المصري، أمس، إلى القطاع للقاء فصائل المقاومة الفلسطينية، واستكمال مباحثات وقف إطلاق النار، في وقت هدّدت فيه الفصائل بالعودة إلى التصعيد، في ظلّ الاستفزازات التي يقوم بها الاحتلال، وخاصة في ما يتعلّق بالوضع في مدينة القدس، وسماحه باقتحام عدد من المستوطنين للحرم القدسي أمس، وفرض حصار على حيّ الشيخ جراح.
وحسبما علمت «الأخبار»، فقد نقلت فصائل المقاومة رسالة شديدة اللهجة إلى الوسيط المصري، محذّرة من أن المهلة التي أُعطيت لتثبيت وقف إطلاق النار شارفت على الانتهاء من دون أن يلتزم العدوّ بموجباتها، وهذا الأمر سيدفع المقاومة إلى التصعيد مجدّداً، مؤكدة أن محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على غزة باتت وراء ظهور الفلسطينيين. كذلك، شملت الرسالة تهديداً واضحاً بأنّ أيّ اعتداء على القطاع سيتمّ الردّ عليه بالمستوى نفسه، وخاصة في ظلّ محاولة أطراف في الكيان فرض معادلة جديدة في ما يتعلّق بإطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة، وهو ما ردّ عليه المصريون بالقول إنهم وجّهوا تحذيراً إلى تل أبيب من الإقدام على عمليات اغتيال ضدّ قادة المقاومة، وخاصة خلال فترة المباحثات التي ترعاها القاهرة بدعم من الرئيس الأميركي، جو بايدن. وفي ما يتّصل باستمرار إغلاق معابر قطاع غزة والبحر، وتأخُّر إصلاح خطوط الكهرباء المُغذِّية للقطاع، تعهّد المصريون للفصائل بأن يتمّ حلّ هذه المشكلة خلال أيام، فيما شددت المقاومة على أن تلك القضايا تقع خارج إطار مباحثات وقف إطلاق النار، وأن تعنّت الاحتلال فيها سيؤدي إلى إفشال الجهود التي تقوم بها القاهرة.
في المقابل، طرح الوفد المصري على حركة «حماس» تجديد مباحثات صفقة تبادل الأسرى، وهو ما رحّبت به الحركة، مبيّنة في الوقت نفسه أنه لا جديد في موقفها الداعي إلى إتمام الصفقة، وأن الاحتلال هو الذي يرفض دفع الثمن الذي تطلبه المقاومة للإفراج عن الجنود الأربعة، مؤكدةً أن ربط إعادة إعمار قطاع غزة بالتبادل قضية خاسرة «لا يمكن ابتزاز الحركة بها نهائياً». وبخصوص إعادة الإعمار، أبلغت «حماس»، الوسيط المصري، بتشكيل مجلس أعلى في القطاع سيشكّل مرجعية لإدارة الملفّ، بمشاركة أطراف حكومية والمجتمع المدني والمؤسّسات الدولية، مُرحّبة بالجهد المصري في هذا الإطار، ومُنبّهة في الوقت نفسه إلى أن إعمار ما تمّ تدميره من قِبَل الاحتلال ليس بحاجة إلى آليات خاصة أو معقدة.

وتزامناً مع تهديدات العدو بتنفيذ اغتيالات ضدّ قادة المقاومة على رغم وقف إطلاق النار، فاجأ قائد حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، دولة الاحتلال، بجولة تفقدية داخل القطاع، شملت عائلات وأسر الشهداء، الأمر الذي اعتبره معلّقون إسرائيليون ترسيخاً للنصر الذي حقّقته المقاومة، على رغم تعالي التهديدات الإسرائيلية. وبعد ساعات من تهديد بيني غانتس، وزير جيش العدو، بأن الأخير لن يسمح بعودة تنقيط الصواريخ أو البالونات من غزة، وأن سياسة الردّ سيتمّ تشديدها بشكل أكبر، اندلعت حرائق عدّة في غلاف غزة نتيجة إطلاق بالونات حارقة من القطاع، بحسب أمير بحبوط، مراسل موقع «واللا» العبري، الذي تساءل متعجّباً: «رَدْع؟! ننتظر لنرى ماذا سيكون ردّ الجيش».
وتعقيباً على توصيات رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، بتغيير آلية إدخال الأموال القطرية ومِنَح الإعمار لغزة، لتكون عبر السلطة الفلسطينية من دون أن تصل إلى يد حركة «حماس»، وتنفيذ هجمات عنيفة ضدّ القطاع ردّاً على إطلاق الصواريخ أو البالونات أو فعاليات الإرباك الليلي، قال المصدر «الحمساوي»: «نفهم جيداً أن هذه محاولة تهرّب من حالة الفشل لدى جيش الاحتلال خلال المعركة الأخيرة، في ضوء اتهامات يسوقها بنيامين نتنياهو ضدّ الجيش، وهذه وصفة سريعة لنسف جهود الوسطاء والعودة إلى مربّع المواجهة الذي انتصرت فيه المقاومة».
من جهة أخرى، بعد أيام من ربط نقابة عمال شركة الكهرباء في دولة الاحتلال إصلاح خطوط الكهرباء التي تُغذّي قطاع غزة بعودة الجنود الأسرى من القطاع، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن عمال شركة الكهرباء شرعوا، منذ صباح أمس، بإصلاح الأعطال في الخطوط الواصلة إلى غزة، وذلك خشية أن يؤدّي استمرار تعطّلها إلى تسرّب مياه الصرف الصحي إلى شواطئ «زيكيم» و»نيتسانيم» و»عسقلان» و»أسدود»، ما يؤدي إلى إغلاقها أمام الجمهور، عدا عن تأثيره السلبي على مشروع تحلية المياه وتسمّم الأسماك.