تحقيقات - ملفات

صفارة الانتخابات النيابية انطلقت: المجتمع الدولي يعرض تقديم المساعدات اللوجستية

أي مجلس نواب في 2022؟ (رمزي الحاج)

غادة حلاوي-نداء الوطن

على هامش توسع رقعة الازمة الاقتصادية وانشغال الجميع في تعقب مسار تشكيل الحكومة، وطي صفحة البحث عن قانون جديد للانتخابات النيابية، تؤكد كل المعطيات ان هذه الانتخابات ستحصل في مواعيدها الدستورية. وهذا ما يستشفه مسؤول سياسي من مواقف المجتمع الدولي الذي بدا اكثر حماسة لاجراء هذه الانتخابات بعد النتائج التي افرزتها انتخابات نقابة المهندسين. وعلم ان منظمات دولية ابدت لوزارة الداخلية استعدادها لان تساهم بجزء من النفقات في ما يتعلق بادارتها وتقديم المطلوب من الحبر والورق وغيرها من مستلزمات لوجستية للعملية الانتخابية.

ووفقا للمعطيات قطعت القوى السياسية اشواطاً في التحضير للانتخابات وبدأ العمل بتنقيح لوائح الشطب، والتواصل مع المفاتيح الانتخابية، كما بدأ ترتيب زيارات للاحزاب والتيارات السياسية الى الخارج خصوصاً في ظل الاجماع على حق المغتربين في الاقتراع، لكن شرط ان يسجل ما لا يقل عن 200 مقترع والا لا يتم اعتماد قلم اقتراع.

فعلياً دخلنا في مسار المهل الانتخابية بموجب القانون الساري رقم 44/2017 اي ذاك الذي جرت الانتخابات على اساسه، ورغم ذلك فالنقاش لا يزال مستمراً بين الكتل النيابية حول ضرورة اجراء بعض التعديلات التي ظهرت كضرورة في ضوء الانتخابات الاخيرة.

ورغم بلوغ المهل الدستورية الا ان الصراع حاصل بين القانون القائم والاقتراح الذي قدمته “كتلة التنمية والتحرير”، والذي يعتبره رئيس مجلس النواب نبيه بري “القانون الوحيد الذي يأخذ في الاعتبار احكام الدستور خلافاً لكل القوانين التي أقرت وجرت على اساسها الانتخابات، واذا اردنا عمل قانون جديد مطابق للدستور فهو متوافر”، يعتبره قانوناً خارج القيد الطائفي ويطرح بموازاته انشاء مجلس للشيوخ، لكن اقتراح الكتلة قوبل برفض شديد من الكتلتين المسيحيتين اي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بعدما اعتبرتاه مهدداً للوجود المسيحي في لبنان وينال من المناصفة. وبين رغبة بري ورأي الكتلتين ولدت فكرة ثالثة تقترح اجراء تعديلات على القانون الحالي، بما يؤمن خطوة نحو الديموقراطية ويبدد هواجس المسيحيين والتخفيف من الاثارة المذهبية للقانون الحالي، وتلبية بعض مطالب المجتمع المدني بقانون ديموقراطي.

تدعو المادة 113 من القانون الحالي وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الخارجية وبواسطة السفارات والقنصليات اللبنانية، اللبنانيين في الخارج ممن تتوافر فيهم الشروط، للاعلان عن رغبتهم بالاقتراع وتسجيل اسمائهم عبر الحضور الشخصي، او بموجب كتاب موقع او بموجب التسجيل الالكتروني. وتشترط المادة الّا تتجاوز المهل المعطاة للتسجيل شهر تشرين الثاني من السنة التي تسبق الانتخابات اي خمسة اشهر، ومعناها ان “الداخلية” و”الخارجية” تستعدان لذلك وقد عقدتا اجتماعين للتنسيق حول الموضوع، وقبل صدور القرارات التي نص عليها القانون برزت مشكلة تتحدث عنها المادة 112 والمتعلقة بالمرشحين غير المقيمين، والتي تقول ان المقاعد المخصصة في مجلس النواب لغير المقيمين تحدد بالتساوي بين مسلمين ومسيحيين موزعين كالتالي: ماروني ارثوذكسي كاثوليكي سني درزي وشيعي، وهذا يحتاج الى مراسيم تطبيقية يصدرها مجلس الوزراء بغية تحديد كل مقعد لاي طائفة لكونها غير محددة سابقاً.

وهناك ما له علاقة بالنظام الداخلي لمجلس النواب: اي أن هؤلاء النواب المنتخبين يمثلون المغتربين في الخارج او الداخل؟ وهل يحق للمقيمين في الخارج المشاركة في التشريع بالتفويض وهل هذا سليم من الناحية الدستورية؟ سؤال وجهته وزارة الخارجية الى مجلس شورى الدولة للبت في صلاحية هذه المادة ليبنى على الشيء مقتضاه. أما التعديلات التي يتم النظر فيها كحل وسط فهي تلك التي يعتبرها رئيس المجلس أقرب لأن تعطي الانتخابات سمة الانتخابات الاصلاحية، والتي تلبي تطلعات الحراك والشعب وتخفف من حدة الانقسام المذهبي الذي نتج عن الانتخابات الماضية، وهذا يعني ان المادة الثانية من القانون الحالي التي تنص على ان الانتخابات تجري على اساس 15 دائرة قابلة للتعديل، فالاقتراح يقول كلما اكثرنا من الدوائر كلما تحقق الانصهار الوطني وهناك نقاش دائر حول هذا الامر، محوره 5 محافظات تقليدية او 9 محافظات أو أكثر لاعتبارات لها علاقة بخصوصية الجبل.

من التقديرات ايضاً تعديل المادة الثالثة التي تتحدث عن سن الاقتراع ليتم خفضه الى 18 سنة بما يلبي رغبة المجتمع المدني وجزء من استعادة الثقة بالدولة، ولو ان دونه عقبات لها صلة بتعديل دستوري لا يمكن لاحد فتح ملف كهذا راهناً.

وفي ما يعود للمادة التاسعة المتعلقة بهيئة الاشراف على الانتخابات وفي محاولة للتخفيف من تدخل وزارة الداخلية في عمل الهيئة، فالاقتراح هو ان تنشأ هيئة مستقلة بالكامل عن وزارة الداخلية.

وفي دعوة الهيئات الناخبة الواردة في المادة 42 والتي تعزز فكرة الدخول في مسار المهل الانتخابية لكونها تدعو الهيئات الناخبة بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية، وتكون المهلة بين تاريخ نشر هذا المرسوم واجتماع الهيئات الناخبة تسعين يوماً على الاقل، ما يفترض الدخول في الاجراءات بينما نحن ما زلنا نتحدث عن حكومة انتخابات ولم يتم تحريك ساكن بعد.

وتتحدث المادة 84 عن البطاقة الممغنطة وتنص”على الحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين بناء على اقتراح الوزير، اتخاذ الاجراءات الآيلة الى اعتماد البطاقة الالكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، وأن تقترح على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي تقتضيها اعتماد البطاقة الالكترونية الممغنطة”. غير أن الاجراءات الآيلة الى اعتماد البطاقة الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة لم تباشر بعد، ولم تقترح الحكومة على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي يقتضيها اعتماد البطاقة الممغنطة.

ولعل ابرز المسائل التي تحتل اولوية عند مفكري الاصلاح ببعض الدوائر هي المادة 98 من القانون الحالي اي الاقتراع للائحة والصوت التفضيلي، فاذا كان الصوت التفضيلي أثار ما أثار من سعي كل جهة لتعزيز واقعها بصوت تفضيلي، فلمَ لا نفكر بصوتين تفضيليين طالما وسعنا الدوائر؟ ويجري النقاش حول صوتين تفضيليين مع توسيع الدوائر لتعزيز المناخ الوطني على الإثارة المذهبية.

المفارقة ان الصفارة الدولية انطلقت، والقوى السياسية انبرت لتحضير ارضيتها الانتخابية من باب الشحن الطائفي والمذهبي والتوتر السياسي، بينما لم يتم البت بعد وفق اي قانون ستجرى الانتخابات النيابية المقبلة. بعد آخر انتخابات جرت في العام 2018 كان الوعد بالمباشرة فوراً لإعداد قانون انتخاب عصري، ما يزيد على خمس سنوات، والقانون لم يبصر النور والتعديل المقترح عليه لا يزال قيد النقاش. فهل ستسمح الظروف السيئة بالمضي الى اقرار التعديلات ام ان حجة ضيق الوقت والتوقيت سيحملان لاعتماد القانون الحالي وابقاء القديم على حاله؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى