تحقيقات - ملفات

محاولات تسبق الاستشارات لتسمية رئيس حكومة بغطاء داخلي وخارجي التكليف بعد عيد الاضحى وبورصة الاسماء تنتظر المشاورات التمهيدية اوساط الحريري: لن نسمي او نغطّي احداً…والثقة مرهونة بهوية الحكومة وبرنامجها

محمد بلوط-الديار

ماذا بعد اعتذار الرئيس الحريري عن تشكيل الحكومة الجديدة؟

هذا السؤال لم تتبلور الاجوبة عليه، لكن المواقف الدولية التي سجلت في اليومين الماضيين شرقا وغربا تعكس الالحاح والضغط على المسؤولين اللبنانيين لتأليف الحكومة باسرع وقت من اجل تدارك الانهيار الخطر الذي يشهده لبنان على كل المستويات.

ووفقاً للمعلومات التي توافرت لـ«الديار» امس من مصادر مطلعة، فان الرئيس عون ابلغ جهات داخلية وخارجية انه يعتزم الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف الجديد بعد عطلة عيد الاضحى، آخذا بعين الاعتبار الحاجة الى تسريع هذه العملية من اجل تدارك الموقف المتدهور في البلاد، والدعوات الدولية لانجاز الاستشارات الدستورية والعمل بسرعة لتأليف الحكومة الجديدة.

واضافت المعلومات ان المشاورات التمهيدية التي تحصل عادة قبل الاستشارات النيابية لم تبدأ، لكن من المنتظر ان تأخذ مداها في الايام القليلة المقبلة خلال عطلة عيد الاضحى.

وعلمت «الديار» في هذا السياق انه لم يسجل بعد اعتذار الحريري اتصالات او مشاورات بين بعبدا وعين التينة، كما لم يحصل اي تداول جدي في الاسماء المقترحة او التي يمكن البحث فيها كبديل للحريري.

الاستشارات بعد الاضحى
وحول تحديد موعد الاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد للحكومة قالت مصادر بعبدا لـ«الديار» ان الاستشارات ستجري بعد عيد الاضحى، لكنها لم تؤكد او تنف ما اذا كانت رئاسة الجمهورية ستعلن البرنامج يوم غد الاثنين.

وحرصت المصادر على عدم الخوض في التوقعات او الاسماء المرشحة، لكنها اشارت الى ان المشاورات التمهيدية التي تحصل عادة يمكن ان تتركز على ازالة بعض التحفظات وتساهم في بلورة اسم او اسمين او ثلاثة.

وفي هذا السياق، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الديار» ايضا ان هذه المشاورات التمهيدية قد تنجح في تضييق الخيارات وبلورتها وربما تساهم في بلورة اسم المرشح البديل، فاذا حصل ذلك فهذا امر جيد، واذا لم يحصل فان اللعبة الديموقراطية ستأخذ مداها.

غطاء خارجي
واضافت هذه المصادر ان اختيار رئيس الحكومة المكلف الجديد لن يكون خياراً لبنانياً فقط بل سيحظى بتغطية خارجية، لافتة الى مشاركة فرنسية بالتنسيق مع الادارة الاميركية، وكذلك مصر والامارات العربية المتحدة الى جانب الاهتمام الروسي المتزايد بالتفاصيل اللبنانية.

ورأت ايضا ان المسؤوليات الملقاة على رئيس الحكومة العتيدة تفرض ان يحظى بغطاء داخلي وخارجي، مشيرة الى ان هناك بصمات واضحة اكثر للغطاء الخارجي على الاسم البديل للرئيس الحريري.

وحول الموقف السعودي من ترشيح البديل اوضحت المصادر ان الرياض لم تعط بعد اي اشارة عن تعديل موقفها السابق، واصفة موقف المملكة بانه يكاد يكون «احجية او ضرورة».

ولفتت المصادر الى ان المرحلة اليوم تشبه مراحل سابقة في اختيار رئيس حكومة يحظى بغطاء خارجي بنسبة ملحوظة مثلما حصل في العام 2005 عند اختيار الرئيس نجيب ميقاتي، وفي العام 2008 بعد اتفاق الدوحة الذي اتى بالرئيس ميشال سليمان رئيسا للجمهورية والرئيس فؤاد السنيورة رئيساً للحكومة.

نموذج أديب
ووفقاً للمعلومات المتوافرة، فان الرئيس ميقاتي مستبعد بسبب رفضه الترشح لهذه المهمة في ظل الظروف الراهنة المتصلة بالعهد وشروطه.

اما الحديث عن المجيء بالسفير مصطفى اديب مرة اخرى فهو ايضا مستبعد رغم ان اتصالات جرت معه قبل اعتذار الحريري، لكنه لم يبد رغبة في تكرار تجربته في الوقت الراهن.

وتضيف المعلومات ان الاتجاه السائد هو للاتيان بشخص يمتلك مواصفات شبيهة بالسفير اديب. وان هناك اسماء عديدة ستكون قيد التداول في الايام القليلة المقبلة لاختيار واحد منها يحظى بفرصة اكبر للحصول على نسبة مقبولة من تأييد كتل نيابية وتتوافر فيه مواصفات تأمين الغطاء الخارجي لا سيما بمشاركة فرنسا، ولا يشكل استفزازاً للشارع السني او تكرار لتجربة الرئيس حسان دياب وحكومته.

ويبدو جلياً ان الاجواء الملبدة التي خلفها اعتذار الرئيس الحريري تحجب الرؤية في الوقت الراهن، لا سيما على صعيد قوة الدفع الداخلية التي سينطلق منها الرئيس المكلف، خصوصا في ضوء قرار رئيس تيار المستقبل ورؤساء الحكومات السابقين عدم منح اي غطاء مسبق للمرشح الجديد، والامتناع عن تسمية اي شخص في الاستشارات النيابية.

موقف المستقبل
وفي هذا السياق قال مصدر بارز في كتلة المستقبل النيابية لـ«الديار» امس ان الرئيس الحريري حدد في اطلالته التلفزيونية بشكل واضح موقفه من الاستشارات النيابية باننا لن نسمي احدا، لكننا لن نذهب ولسنا في صدد تعطيل اجراء هذه الاستشارات او تخريبها.

واضاف انه اذا وجدنا ان الاسم المطروح لتشكيل حكومة قادرة فعلا بمواصفاتها وببرنامجها الاصلاحي للتصدي للازمة بكل جوانبها فاننا لن نتردد في منحها الثقة. وهذا يتوقف على امرين اساسيين:

1- خطة انقاذية صحيحة وواضحة تتضمن الاصلاحات وقيادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتأمين المساعدات اللازمة للبنان من اجل وقف الانهيار واعادة النهوض.

2- الادارة السليمة والجادة والشفافة للانتخابات النيابية في موعدها الربيع المقبل.

وردا على سؤال حول سبب رفض الرئيس الحريري تغطية اي مرشح بديل قال المصدر «لن نغطي اي شخص مسبقا، لاننا جربنا ذلك في الماضي مع هذا العهد ووصلنا الى ما وصلنا اليه، «فمن جرّب المجرب كان عقله مخرّب». ويدرك القاصي والداني ما انتهت اليه الامور مع هذا العهد منذ تكليف الرئيس الحريري حتى اللحظة الاخيرة قبل اعتذاره».

واشار الى ان ما نشر عن تفاصيل اللقاء الناري والساخن بين الرئيسين عون والحريري، هو دقيق جدا، لافتا الى ان رئيس الجمهورية كان مصمماً على احراج الحريري لاخراجه.

وفي السياق نفسه، قال نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش امس «ان الرئيس الحريري فعل ما بوسعه لانجاز التشكيلة الحكومية لكن فريق الرئيس عون هو المعرقل، واليوم يحاولون القضاء على الحريرية السياسية».

ورأى ان استقالة كتلة المستقبل من مجلس النواب «لا تؤدي الى مكان، ولا تغيّر المعادلة». وقال «ننتظر الاستشارات النيابية الملزمة وسنتعامل مع الحكومة بناء على برنامجها».

عين التينة
في هذا الوقت لم يصدر عن اوساط عين التينة اي اجواء، لكنها لفتت الى ان المواقف الدولية الاخيرة اكدت مجددا ان مشكلة الحكومة هي مشكلة داخلية كما عبر الرئيس بري اكثر من مرة.

وردا على سؤال قالت انه من المؤسف او المعيب القول ان فلانا خسر وآخر ربح او ان هذا الطرف سجل نقطة على حساب الطرف الاخر، والحقيقة ان لبنان والشعب اللبناني هو الذي يخسر ويدفع ثمن عدم تأليف الحكومة منذ تسعة اشهر، وان الرابح هو من يسعى لاسقاط لبنان ومناعته ودوره.

التيار

من جهة ثانية، اسفت الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر «لان يكون الرئيس المكلف قد اختار الاعتذار بعد تسعة اشهر من تكليفه بدل الاقدام على تشكيل حكومة تواجه التحديات الضاغطة اقتصادياً ومالياً على اللبنانيين». وقالت انه «بانتظار الحكومة الجديدة التي نأمل ان تشكل سريعاً جداً، تقع على حكومة تصريف الاعمال مسؤولية اتخاذ كل الاجراءات المطلوبة لضبط الامن والحدود لمنع التهريب ومعالجة كل الملفات المعيشية، حيث من واجبها ان تخرج من حال شبه الاستنكاف ومعالجة مشاكل الناس».

ورأت في مجال آخر «ان مصرف لبنان يتحمل في هذه المرحلة بالذات مسؤولية مضاعفة لضبط التفلّت الحاصل في سعر صرف الدولار الاميركي.

وهو قادر على ذلك من خلال تشغيل منصته الرسمية بصورة جدية لتتم من خلالها حصراً كل عمليات البيع والشراء في الدوام الرسمي».

مواقف دولية
وعلى صعيد المواقف الدولية بعد اعتذار الحريري، توالت امس المواقف الداعية الى اجراء الاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد وتشكيل الحكومة باقصى سرعة من اجل تدارك التدهور للوضع في لبنان.

وكشفت وزارة الخارجية الروسية في بيان على موقعها عن اتصالين حصلا بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والرئيس الحريري الذي شرح اسباب اعتذاره.

واعرب بوغدانوف عن امله في ان يقوم رئيس الجمهورية باجراء الاستشارات النيابية التي ينص عليها الدستور قريباً لاتخاذ قرار بشأن رئيس الحكومة المكلف الجديد، وتشكيل حكومة مؤهلة تحظى بدعم جميع القوى السياسية والطائفية.

واشار بأسف الى «انه في غضون 9 اشهر منذ تكليف الرئيس الحريري لم يكن من الممكن التوصل الى اتفاق مع رئيس الجمهورية بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة».

واعربت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عن اسفها الشديد «لعدم قدرة قادة لبنان على التوصل الى اتفاق حول تأليف حكومة جديدة تعد مطلوبة بشكل عاجل لمواجهة التحديات العديدة التي تواجهها البلاد».

ودعت الى «التحرك سريعاً لضمان تكليف رئيس حكومة جديد بما يتمشى مع الاستحقاقات الدستورية، والى تأليف حكومة قادرة على تطبيق الاصلاحات الضرورية لوضع لبنان على طريق التعافي قبل اجراء الانتخابات في العام 2022 التي يجب ان تتسم بالحرية والنزاهة».

وقالت «ان لبنان يواجه ازمة غير مسبوقة بالرغم من ان الامل ما يزال موجوداً، الا انه لم تعد هناك فسحة من الوقت لاضاعتها».

وكانت مساعدة وزير الدفاع الاميركي لشؤون الشرق الاوسط دانا سترول قد اعربت عن «اننا قلقون جدا من ان اللبنانيين ليس لديهم حكومة يتطلعون اليها»، مؤكدة «ان البنتاغون يراقب الوضع عن كثب ويشجع قادة لبنان على اتخاذ خطوات الان لمنع اندلاع العنف».

كما اعربت عن قلقها من مواجهة الجيش مع المتظاهرين، لكنها اكدت «ان المؤسسة العسكرية اللبنانية لا تزال تحظى بدعم غالبية اللبنانيين، واننا نركز على دعم الجيش اللبناني الذي يقوم بمهمة بالغة الاهمية بسبب اخفاقات الحكومة في تقديم المساعدات الانسانية للشعب لا سيما بعد انفجار 4 آب».

واعلنت السلطات البريطانية عبر مواقف التواصل الاجتماعي انها «تحثّ بشدة القادة اللبنانيين على تنحية الخلافات جانباً وتشكيل حكومة جديدة دون تأخير»، مشيرة الى «انها تشعر بخيبة امل من اخبار الامس التي ستزيد من اعاقة الاصلاحات المطلوبة وتطيل معاناة اللبنانيين».

الامن الغذائي
وفي ظل الانهيارات المتتالية للوضع اللبناني على الصعيد المالي والاقتصادي سجلت في الايام الاخيرة تقارير لمنظمات وهيئات دولية عن تدهور الامن الغذائي في لبنان لا سيما في ظل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار وارتفاع الاسعار بشكل غير مسبوق.

وكشفت منظمة الامم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» في تقرير نشرته صحيفة التايمز البريطانية عن ان 77% من الاسر اللبنانية لا تجد ما يكفي من المال لشراء الطعام خلال الشهر الحالي. ووصفت الانهيار في لبنان بانه الاسوأ وانه لم يسبق له مثيل في التاريخ من حيث الحجم بالنسبة لدولة واحدة.

ووصفت صحيفة «»الفيغارو» الفرنسية الطبقة السياسية اللبنانية بانها «اسوأ طبقة يمكن تخيلها، لكن ازاحتها صعبة رغم فشلها الذريع لانها منظومة اوليغارشية بين زعماء طوائف وميليشيات ومصالح مالية».

وتواصلت امس الاحتجاجات وقطع الطرق في عدد من المناطق في بيروت والشمال والبقاع وصيدا، من دون حصول اشكالات مع الجيش كما حصل في اليومين السابقين.

وبقي الدولار محلقاً ومتجاوزاً الـ22 الف ليرة بعد ان كان تجاوز سقف الـ23 الفاً منذ يومين. كما بقي عدد من المحلات التجارية مقفلاً في مختلف المناطق، بينما حذرت محلات كبرى من خطر الاقفال في ظل شح تزويدها بمادة المازوت.

واحدثت عملية تحديد اسعار وتصنيف الادوية ردود افعال عديدة، حيث عارضت شركات الادوية تسعير اصناف الادوية غير المدعومة على اساس 12 الف ليرة للدولار الواحد، ولم يصدر عن الصيدليات التي كانت اقفلت ابوابها قرار واضح.

ووصفت مصادر متابعة لملف الادوية بان القرارات المتخذة تعتبر «مجزرة حقيقية» ضد المواطن، داعية الى اعادة النظر ببعضها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى