الحدث

مستشار إماراتي يتحدث عن تلقي أبوظبي ضربات “تحت الحزام” من السعودية

أثارت تصريحات مستشار مقرب من دوائر الحكم في الإمارات وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ـ حاكم البلاد الفعلي ـ، عن السعودية وأزمتها الأخيرة بين البلدين جدلا واسعا على مواقع التواصل.

المستشار المقرب من ابن زايد والذي رفض الكشف عن هويته، قال في حديث خاص لوكالة “فرانس برس” إن الإمارات تلقت “ضربات تحت الحزام” من الجارة ـ يقصد السعودية، وأضاف مستدركاً:” لكن الأمور ستبقى تحت السيطرة إن شاء الله”

وأثار الخلاف الأخير حول سياسة إنتاج النفط بين السعودية والإمارات، تساؤلات وتعجبا، نظرا لأنه نادرا ما كانت تطفو مثل هذه التباينات في التوجهات بين أبرز حليفين في منظمة “أوبك” على السطح.

في حين أثار تباين الموقف الأخير بين المملكة والإمارات تساؤلا حول مستقبل المنظمة وتحالف “أوبك +” الذي تقوده، وبرر خبراء هذا الخلاف بوجود حالة من التنافس الاقصادي بين البلدين.

كما نقلت الوكالة الفرنسية عن المستشار الإماراتي في تقريرها الذي نشرته اليوم، الخميس، تعليقه على تباين مواقف الدولتين حول مستقبل إنتاج النفط حيث قال: “نحن نرحب بالمنافسة”.

وتابع في إشارة إلى خلافات أخرى بين الدولتين خاصة تطبيع الإمارات مع إسرائيل وموقف المملكة المصر على المصالحة مع قطر: “هناك تحالفات جديدة تنشأ في المنطقة، وهناك معسكران”.

ورغم الجهود التي يبذلها منتجون رئيسيون لتقريب وجهات النظر والدفع نحو اتفاق يرضي الطرفين، فإن جذور الخلاف بين الحليفين التقليديين تبدو أعمق مما يعتقد الجميع.

وزعمت تقارير أن روسيا والكويت تحاولان التوفيق بين البلدين ضمن تحالف “أوبك +”.

ويشار إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، وصفت وزارة الطاقة الإماراتية الخيار الذي طرحت اللجنة الوزارة لمجموعة “أوبك +” لزيادة الإنتاج المشروط بتمديد اتفاقية ضبط الإمدادات الحالية، بأنه “اتفاق غير عادل” للإمارات.

بينما اللهجة التي استخدمها وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، للرد على موقف الإمارات زادت من الشكوك حول تدهور الروابط المعتادة للبلدين، إذ قال إن “التوافق موجود بين دول (أوبك+) ما عدا دولة واحدة”، دون أن يذكر اسم الإمارات، مؤكدا أنه “لا يمكن لأي دولة اتخاذ مستوى إنتاجها في شهر واحد كمرجعية”.

وتابع بالقول: “أمثل دولة متوازنة تراعي مصالح الجميع في دورها كرئيسة لأوبك+. السعودية أكبر المضحين ولولا قيادتها لما تحسنت السوق النفطية. وإذا كانت هناك تحفظات لدى أي دولة فلماذا سكتت عنها سابقا”.

فيما يقول الخبير السعودي المقرب من السلطات في المملكة، علي الشهابي، إن بلاده عانت نصف قرن من الخمول في السياسة الاقتصادية، وأنها تحاول اللحاق بالركب الآن، مضيفا أن “الإماراتيين سيتفهمون بأنّه يتعين عليهم توفير بعض المساحة لذلك”.

في الحقيقة، بدا التباين في المواقف جليا منذ منتصف عام 2019، عندما انسحبت الإمارات سريعا من الحرب في اليمن.

ويقول الشهابي إن هناك بعض الحساسية لدى السعودية عندما قرر الإماراتيون ذلك، حيث كانت تأمل الرياض أن تكون الإمارات أجل عجلة وأكثر تنسيقا.

كما أن تطبيع الإمارات لعلاقاتها مع إسرائيل عام 2020، والذي أثار غضب الفلسطينيين بدا مخالفا لتوجهات السعودية رغم تشجيع أمريكا لها. كما بدت السعودية أكثر إقبالا وحماسا تجاه التصالح مع قطر مقارنة بالإمارات.

وعلق المستشار الإماراتي على ذلك، بالقول:”نحن نرحب بالمنافسة. هناك تحالفات جديدة تنشأ في المنطقة، وهناك معسكران”.

في حين ترى المسؤولة السابقة في البيت الأبيض كريستين فونتينروز، وهي حاليا المسؤولة عن الملف السعودي في معهد “المجلس الأطلسي”، إن الجارين الخليجيين قررا أن “عليهما إعطاء الأولوية لمستقبلهما المالي على حساب صداقتهما. ولا ضغينة هنا، مجرد حقائق اقتصادية”.

ورغم أن معظم الخلافات كان يتم حسمها خلف الأبواب المغلقة في السابق، تقول فونتينروز “إن الحديث عن صدع في العلاقات بين البلدين أمر مبالغ فيه، حيث أن كلاهما يحاول تأمين مستقبله الاقتصادي ليس إلا”.

هذا وأكدت وكالة “بلومبيرغ ” الأمريكية، أن العلاقات بين السعودية والإمارات وصلت إلى مستوى غير مسبوق تضمن خلافاً علنياً وفرض عقوبات، في ظل تعدد أسباب هذه الأزمة بين ما هو سياسي وما هو متعلق بخطة إماراتية لتزعُّم سوق النفط بالمنطقة.

وأوضحت الوكالة، أنه قبل هذه الأزمة، اعتمدت العلاقات بين السعودية والإمارات دوماً على طريقتين بسيطين عند بروز الخلافات: التعامل مع هذه الخلافات خلف الأبواب المغلقة، أو السكوت والتغاضي عنها.

واستدركت: “لكن في أعقاب المشاحنة المعلنة للغاية بين الجارتين حول مستقبل مجموعة أوبك بلس، يبدو ذلك الآن نهجاً قديماً بصورة ميؤوس منها، وأن البلدين الحليفين أصبحا ينحوان إلى أساليب غير مسبوقة لحل خلافاتهما”.

وعارضت الإمارات، رابع أكبر منتج للنفط في مجموعة أوبك بلس، مقترحاً قدمته السعودية وروسيا بتمديد قيود الإنتاج حتى نهاية العام المقبل، بدلاً من إنهائها في أبريل/نيسان كما كان مقرراً في الأصل، مهددة بإحداث فوضى في السوق النفط التي تتعافى لتوِّها.

الأكثر وضوحاً أن الصراع فتح الباب أمام سؤال مطروح حول إمدادات النفط في وقتٍ تخرج خلاله الدول الكبرى من حالات الإغلاق بسبب فيروس كورونا.

أجلت مجموعة أوبك بلس اجتماعها الذي كان مقرراً الإثنين 5 يوليو/تموز، دون التوصل لاتفاق، مما جعل سعر تداول برنت يتجاوز 77 دولاراً للبرميل.

لكن هذا الموقف يسلط الضوء كذلك على تنافس اقتصادي متنامٍ زادت من حدَّته جائحةُ فيروس كورونا، ويحمل تداعيات على الشركات العالمية، جنباً إلى جنب مع وجود اختلاف سياسي ذي تداعيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط من اليمن إلى “إسرائيل”، ومن إيران إلى قطر.

وسيكون من شأن العجز عن التوصل لاتفاق أن يُضيِّق الخناق على السوق المتأزم بالفعل، ما سيرفع أسعار النفط الخام بشدة. لكن ثمة تصور درامي آخر مُحتمل، وهو أن تنهار وحدة أوبك+ بالكامل، الأمر الذي سيُمثل خطراً على السوق المفتوح الذي ستنهار فيه الأسعار مكررةً أزمة العام الماضي.

المصدر: فرانس برس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى