ٍَالرئيسيةتحقيقات - ملفات

إذا لم يتم إيقافهم سيُدمرون أنفسهم: علم النفس و”المُنظمات الإرهابية”

أفيفيت ميسنيكوف/ N12

ملاحظة كل ماورد في هذه الدراسة والتقرير الذي يشرح عنها يُمثل الجهة التي كتبته فقط

تصف دراسة “إسرائيلية” جديدة وللمرة الأولى كل منظمات إرهابيه ككيان نفسي واحد. تم تصنيف المنظمات وفق عدة مستويات ومعايير نفسية ، وبحسب أعتقاد الباحثون ستؤدي إستنتاجات الدراسة الى مساعدة الغرب في إتخاذ الخطوات التي من شأنها منع وقع أعمال إرهابية ، بدءا من داعش الغير ناضج نفسيا وصولا الي حزب الله الذي أنتصر بالدبلوماسية : وهذه هي النتائج المستخلصه.

داعش معروف كمنظمه إرهابية دموية ، وربما الأكثر قسوة على الأطلاق من بين جميع تلك التنظيمات . في البحث والدراسة الأولى من نوعها ، أستخلص مجموعة من الباحثين بالكلية الأكاديمية تل أبيب يافا ، وبالتعاون مع معهد سياسات مكافحة الإرهاب   الأكاديميين أن منظمة داعش غير ناضجة من ناحية نفسية “. قبل أن تبتسموا أو تتعجبوا من التعبير الغريب ، أسمحوا لهم للحظه أن يفسروا ذلك . حسب اعتقادهم ، تحديد حجم ودرجة النضوج النفسي لداعش وللمنظمات الأخرى ، ستساعد وتؤازر العالم الغربي بمعرفة كيف يمكنه التعامل ومواجه الإرهاب .

تبحث الدراسة من ناحية نفسية تصرفات المنظمات الإرهابية داعش ، وحزب الله وحماس – وتمكن من تحليل أنماط وشكل تصرفاتهم . كما أن هدفها فهم الدوافع ، والنوايا وقدرت المنظمات الإرهابية من أجل النجاح وتجاوز الحالة وتقدير الخطر الذى يشكلونه . في هذه الآونة ، أغلب الأبحاث التي تجرى على المنظمات الإرهابية تحلل مؤشرات كما هو الحال في الأقتصاد ، والأمن ، والسايبر والأعلام بتلك المنظمات .

على الرغم من وجود دراسات كثيرة ومتعددة تتعلق بالحالات النفسية ” سيكولوجية”  الشخص المجند بتلك المنظمة ” الإرهابي ” كفرد وحيد ، ودراسة المنظمة الإرهابية ككيان جماعي يكاد يكون معدوما وغير موجود .

” هناك توثيق للحالة النفسية للشخص الذي يقوم بالعمل بشكل فردي . ولكن من أجل إكمال الفهم الذي نرغب فيه بخصوص الإرهاب ، نحن يجب علينا أن نفهم الحالة النفسية للمجموعة .

د. شولاميت جيلر ،رئيس قسم علم النفس العيادي ” الأكلينيكي” في أكاديمية تل أبيب يافا

محاضرة أكلينيكية ” عيادي” من كبار المحاضرين ، ورئيس قسم علم النفس الأكلينيكي ” العيادي” بالأكاديمية.

” سيكولوجية ” نفسية” الشخص الذي يقوم بالعمل العدائي هي فقط جزء من الصورة “

ماذا نعرف في الحقيقة لغاية الأن عن الشخص ” كفرد”  الذى يقوم بالعمل المعادي   ؟  إما هو يموت بعد العملية مباشرة ، أو سيدخل السجن ، ويختفى . ولكن التنظيم الذي يشغله لا زال باقي . وأوضحت  جيلر لماذا جدير بالأهمية أن نقوم بتحليل التنظيم المعادي كمجموعة . من خلال الرؤية التحليلية الجماعية يمكننا أن ندرك أن الشخص عبارة عن بيئة جماعية ، هو دائما سيكون جزء من المجموعة ” توضح جلير . ” حتى في ظل وجود توثيق وسجل فسيولوجي نفسي للشخص الذي يقوم بالعمل العدائي الوحيد نحن ندعى أن تلك الرؤية والبينة هي جزئية وغير مكتملة ومن أجل إستكمال نظرتنا وفهمنا لتلك السيكولوجيه الخاصة بالمجموعة الكاملة “.

في إطار أسلوب البحث الجديد ، يجب أولا أن ندرك ونفهم أنه يوجد أيضا للمجموعة شكل وشخصية يمكن من خلالها تحليل المجموعة بشكل ملموس.

وأوضح دكتور عيران شيدخ المحاضر النفسي الأكلينيكي ومن كبار الباحثين بجامعة تل أبيب أن ” الفسيولوجيا الكلينيكيه في الأغلب تهتم بالشخص الوحيد وبفكرة التفكير والتعامل مع المصطلحات والنظريات للمجموعات البشرية والقول بأنه يوجد لها شخصية وهيئة وذاكرة وحافزيه “وأردف ” نحن نعمل بهذا المجال كأفراد داخل مجموعات . هذا ليس مستهجنا وغريبا بأنه منذ البداية هذا الأمر لا يأتي من منظور فكر بديهي أن ننظر ونتابع مجموعة ونقول بأن لها شخصية ملهمة”.

جاءت فكرة البحث بعام 2014 ، خلال معركة الجرف الصامد ، حينما بدأت داعش تسيطر علي خارطة الإرهاب العالمي. حاول الباحثون بصفتهم أفراد من الأكاديمية التقليل من مظاهر الخوف وحالات الذعر التي أنتابتهم في أعقاب الذعر الذي نشأ حول المنظمة الدموية الأجرامية ، وتحويله الي بحث أستقصائي، ” حاولنا التفكير ماذا تعني تلك الظاهرة المتمثلة في داعش”. حاولنا التفكير الدراسي وتقديم الرأي الفكري الصعب والمخيف ، حتى في حال لم تكن داعش موجودة على حدودنا”.

الغوص في ثنايا الدراسة البحثية : هكذا تمت الدراسة

أجري تحليل المنظمات من خلال عملية تصنيف خماسية الأبعاد typology ” في الأساس هي طريقة خاصة بتصنيف البشر الي أنواع وشخصيات متنوعة ) . ويعتمد الباحثون على مصدرين أثنين أساسيين : الأول –  المجلات الأكاديمية والنشرات الرسمية للمنظمات الغير حكومية ( NGO ) ، والثاني ، إعلانات ونشرات رسمية ، بلغة المصدر ، النابعة من المنظمات ذاتها. وتظهر النتائج مستويات وأنماط متعددة لكل واحد من المنظمات من ناحية النضوج الفيسيولوجي ” النفسي” لتلك المنظمة. الأستنتاج الجوهري والرئيسي للباحثين هو أن فهم المعيار والسمة الفريدة لكل منظمة تساعد في أليه التعامل مع نشاطها المعادي ” الأرهابي”. علي سبيل المثال ، مدي إحتمال أن ترد منظمة معينة ردا عسكريا على موقف معين ، مقابل أحتمالية توجهه الي قنوات أخري .  تعتمد المنهجية إعتمادا كاملا على توجهين أثنين : الفيسيولوجية الجماعية ، والفيسيولوجيا  الفردية ( بنية شخصية ، وهوية ، والعلاقات الشخصية المتبادلة وغيرها).

كان لدي فرضية في حال لم يتم إيقافهم ، داعش ستدمر نفسها . هم بدأوا في تدمير دوائر داخليه لكل من إنحرف عن طريقهم “.

وقال دكتور عيران شديخ ،محاضر نفسي بأكاديمية تل أبيب يافا” النضج النفسي لأي منظمة هو بحد ذاته وفي الواقع مقدار وكمية البدائل الموجودة لدية ويجب ان يختارها في حالات معينة ” وقال شديخ .” طالما وجدت أمامه أمكانيات متعددة ، على سبيل المثال قوة مقابل قوة أو دبلوماسية قبالة قوة ، وطالما بقى مشغولا أكثر مع البدائل ، هكذا ترتفع حالة النضج النفسي لديه . علي سبيل المثال إستخدام العنف ، يعبر عن نضج منخفض . علي سبيل المثال أبو مازن يلجأ بكل مرة الي الأمم المتحدة من أجل أن يقول لهم بأن يصوتوا ضد “إسرائيل”. يمكن أن نغضب منه ، ولكن بلغتنا يدور الحديث عن نضج نفسي مرتفع جدا “.

أجري البحث من خلال المصدر الثاني للبحث ومن خلال منشورات تلك المنظمات نفسها ، وأجري البحث ايضا من خلال برمجية وتقنية تعمل على ألية المسح لكلمات افتتاحية رئيسية لكل منشور لتلك المنظمات، علي سبيل البحث عن كلمات مثل “قتل ” و ” كفار” يمكن الأستدراك والتعلم منها كثيرا من قبل الباحثين عن طبيعة المنظمة . هم تابعوا  المعارك التي قام بها داعش بشكل  جراحي وفق نشرات داعش نفسها ، وتمت الدراسة من خلال أوراق وتساؤلات بالإضافة الي توثيق العمليات على القري والبلدات . والسؤال هل دافعوا عن السكان المدنيين ؟ وهل تعرضوا للنساء والأولاد ؟

ايضا حماس تقتل الخونة ، ولكن لدي داعش هذا أكثر تطرفا .

 النتائج ” المنظمة التي برزت  خلال فترة إعداد البحث

تُظهر النتائج فوارق جوهرية وبالغة بين المنظمات ، حيث تبرز داعش كمنظمة الأكثر عنفا ، وتشير الدكتورة شيدخ ” تتميز داعش من ناحية التسامح بدرجة الصفر حيث لا يوجد بها أدنى تسامح مقابل المنظمات الأخرى “. ” قدرات داعش كمنظمة أن تأخذ موقف بذاتها أو رؤية أو معتقدات إسلامية والتي تكون غالبا ليس وفق المعتقد الخاص بها ، هم تقريبا دمروا كل من لا يتوافق معهم . كانت تنتابني فرضية مفادها فيحال لم يتم إيقافهم سيدمرون أنفسهم . هم بدأوا في تدمير دوائر داخلية لكل من أنحرف عن المسار “.

” كان عند النازيين قسوة فظيعة نحو الخارج ، أما لدي ستالين لم نرى عنف موجه للخارج . داعش تقوم بتكرير الشر من كل مواصفاته وخصائصه”

وتحدث الدكتور عيران شيدخ ، المحاضر لعلم النفس بأكاديمية تل أبيب ” أنه علي الرغم من معرفة المنظمات الأخرى علي القيام بعمليات قتل وتنفيذ مجازر وإعدامات لأشخاص بداخل مجتمعهم ، لكن هذا التوجه لدي داعش شاذ عن المجموع : ” لا يوجد لدى داعش مشكلة في القيام بعمليات قتل . أيضا لدى حماس هماك أمكانية تنفيذ عمليات قتل للخونة، ولكن الأستعداد للقيام بعمليات ضد مسلمين سنه هي الأكثر تطرفا لدى داعش وهذا أمر فريد حسب رأينا . لم نشاهد تصرف مشابه بأي منظمة جهادية أخري ، أيضا ليس في القاعدة . يوجد في إستخدام داعش للعنف مكون وعنصر متفرد ، بمقاطع الفيديو التي كانوا ينشرونها كانوا يستخدمون أسلوب ” المشاهدة وإيصال الرسالة” .

” حزب الله كان مميزا وحصل على العلامة والدرجات العليا باستخدامه للأدوات الدبلوماسية “.  حسب أقوال دكتور شيدخ ، تنعكس أعمال العنف الغير اعتيادية ايضا من خلال حجم وقوة عمليات القتل ، ” يعتبر هذا من مكونات السادية ” ” هذا تكوين منحرف من ناحيه تنظيمية ، الشكل الذي به داعش علي النقيض من حزب الله وحماس من ناحية أيقاع الأذي بالمواطنين”.

” في فترة معينة نجحنا في توثيق 38 حالة من  أفرادهم الذين قتلوا علي أيديهم ، في فترة اخرى كان هناك أكثر من 200 شخص تابعين لداعش قتلوا من قبل داعش. أدركنا أن العنف الموجه نحو المجموعات الداخلية هو الأعلى من باقي التنظيمات حزب الله وحماس، هم جندوا أطفال كعبيد وكانت أعمارهم قرابة 4 سنوات ونصف و5 سنوات . استرقوا فتيه وأدخلوهم دائرة الإرهاب بجيل الشباب . في أحدي المعارك حدث أمر غريب داعش لم تقتل الناس لأن الناس أستقبلوهم بالترحاب .

المنظمة الأكثر ” تطورا” والمُعطيات المثيرة حول حماس

الدراسة منحت حزب الله الدرجة العليا بجانب إستخدام الأدوات الدبلوماسية ، في نالت داعش على العلامات الأقل . بمجال الامتثال للقانون الدولي ، حزب الله وحماس تلقيا نفس الدرجات . من ناحية المعايير النفسية ، وجد الباحثون أن حماس ، الأقرب الي “إسرائيل” من ناحية جغرافية ، هو الأكثر نضوجا من داعش .” حماس كمنظمة أدنى درجة من حزب الله الذي يعتبر منظمة أكثر تطور “. ” لكن من ناحية العنف شاهدنا أنه في العديد من الحالات ابدت حماس أيضا نمطا معقد . حماس تبادر وتضر بالمواطنين بشكل غير متناسب ، ولكنها ترد على الاستفزازات “الإسرائيلية” . مع ذلك من ناحية الدرجات حصلت حماس علة درجة منخفضة لأنها لا تفرق بين مواطنين وجنود “.” حماس منظمة أكثر نضوجا ، تملك مدى رد واسع . وفي  حال وجدنا منظمات بشكل أكثر نضجا ، سيؤدي هذا الي تطوير قدراتنا في التعامل معهم”.

” لكن على الرغم من العلامات المنخفضة التي حصلت عليها حماس ، وجد الباحثون أن حماس تقوم بالعديد من المرات تبحث وتحلل حماس آلية الرد علي هجمات “إسرائيل” . على سبيل المثال، في  حال قالت حماس بأنها ردت بشكل يتناسب مع الهجوم ، فهذا الأمر  يحدد بأنها بلغت درجة النضج النفسي. حماس ترى في نفسها منظمة عقلانية ترد بشكل عقلانى.  لماذا يكون حجم النضوج النفسي ،مهما وكيف يمكن أن يكون عامل مساعد في محاربة الإرهاب .

دكتور شيدخ ” حينما تقول داعش أن القواعد الأخلاقية لا تهمني، بذلك الحين نحن لا يمكننا التأثير عليه من خلال  الحملات الدعائية أو من خلال الجوانب الإدراكية والوعي ، لكن في حال تصرفت حماس من ناحيتنا وفق قواعد العقلانية ، بذلك الحين يمكننا محاججتها. وممارسة الضغط الدولي عليها وفق الطريقة التي تري بها نفسها وهكذا يتولد لدينا فرصة للتأثير عليها”.

لماذا العنف  هو علامة من علامات عدم النضوج النفسي؟

” من الناحية النفسية العنف هو حل بدائي ” ” أنها مسألة ثقافة ، ويمكن أن يأتي شخص ما ويقول هذا ليس صحيحا ولكننا نخرج من ناحية نفسية غربية كلاسيكية بأن الحل الحواري هو الأفضل من الوصول الي العنف”.

في الختام يعرض دكتور شيدخ كيف للاستنتاج واحد من الدراسة أن يؤدي الي القيام بعملية صحيحة بخصوص التعامل مع داعش . ” أذا ما وجدنا أن داعش كمنظمة تقوم بتدمير كل من لا يتعقد نفس معتقدها ، يمكننا من هنا أن نستخدم بمسار التجنيد الذي قاموا به لتجنيد للأوروبيين الجيل الثالث لأبناء المهاجرين المسيحيين الذين أسلموا “. وقال .” يمكن العمل علي تقليص مسارات التجنيد العنيفة تلك. من حيث أنه يوجد لديهم صفر من حالات الصبر والتسامح وحيث أنهم أيضا يقومون بتصفية رجالهم ، حملة توعية في الأنترنت التي كانت  موجهة لجميع الشباب ويتحدث اليهم بشكل مكشوف أن الحرية والانطلاق والاستقلالية ستسحب منهم في حال تجندوا لداعش . يمكن لهذه الخطوة في الواقع أن تساعد”.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى