ٍَالرئيسيةتحقيقات - ملفات

الجمهوريون يستخدمون الانسحاب من أفغانستان لمناقشة المزيد من الحرب

الكاتب: جيمس داوني

إن رحيل أمريكا الذي تأخر من أفغانستان كان فوضويًا، وسيظل بسبب عقدين من سوء الإدارة والاحتلال الضال. حتى بهذه المعايير فقد تم تنفيذ الانسحاب بطريقة رثّة تجعل إدارة جوزيف بايدن تواجه مشاكل قصيرة وطويلة الأمد. فعلى المدى القصير، تواجه الولايات المتحدة معضلة إجلاء آلاف الأميركيين الذين لايزالون في أفغانستان، والترحيب بأكبر قدر من اللاجئين الأفغان. أما على المدى البعيد، فيجب على البيت الأبيض مقاومة من يريد استخدام هذا الانسحاب والدعوة إلى سياسة خارجية صدامية في أماكن أخرى.

يحاول الجمهوريون الترويج للكذبة التي تقول إن الانسحاب الأميركي من أفغانستان يقوّض قوة أمييكا في أماكن أخرى. ففي تصريحات لبرنامج “صاندي مورنينغ فيوتشرز” على قناة “فوكس نيوز” قال رئيس مجلس النواب السابق نويت غينغريتش: “هناك إيران برئيس جديد جدًا يقول ـ كما نعتقد ـ نريد أن نكون أكثر عدوانية مع إسرائيل والسعودية”؛ وتحدث  للشبكة نفسها السناتور الجمهوري عن أركنساسن توم كوتن قائلًا: “رأيت أن دولًا مثل الصين تهدد تايوان، وتقول إن أميركا لن تسارع إلى المساعدة”، أما النائبة الجمهورية عن وايومينغ ليز تشيني فقد أخبرت شبكة إن بي سي: “الضرر على أميركا ليس في أفغانستان فقط، بل على المستوى العالمي”.
قد تبدو هذه التعليقات في الحوارات، جانبية إلا أنها تُظهر الطريقة التي سيقوم من خلالها الجمهوريون بالتعامل مع النقاش المتعلق بالسياسة الخارجية في مرحلة ما بعد أفغانستان، وهي أن الرئيس بايدن كان ضعيفًا، وعلى الولايات المتحدة إظهار أن أحدًا لا يمكن أن يلوي ذراعها في مكان آخر.
ولا شك في دعوة بعض الدوائر في البيت الأبيض لإظهار القوة، تمامًا كما تحول الديمقراطيون إلى صقور في مرحلة ما بعد 9/11. ولكن يجب رفض هذا المسار لأسباب، منها أن الأميركيين وإن شعروا بالقلق حول كيفية سحب القوات من أفغانستان، إلا أن استطلاع شبكة سي بي أس أظهر أن 63 في المئة من الأميركيين يؤيدون الانسحاب، ولا يوجد من وجهة نظر النسبة نفسها ما يدعو إلى دعم الحربَ في مكان آخر لأن عملية الانسحاب كانت فوضوية.
والأهم من هذا، فمحاولة إعادة صورة أميركا القوية لم تكن دائما عبر المواجهة كما يرى الداعمون لها. وما عليك الاستماع إلا لما يقوله نقاد بايدن بشأن البقاء في أفغانستان. فوفقًا ل”تشيني “: علينا الحفاظ على وجود على الأرض و3.500 جندي للقيام بعمليات مكافحة إرهاب ومكافحة الاستخبارات”.
وقالت السفيرة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هيلي لشبكة سي بي أس: إن العدد نفسه من القوات في عهد دونالد ترامب أدى إلى استقرار أفغانستان … كانت أفغانستان في عهد ترامب آمنة”.
الحفاظ على الوضع القائم هناك سيحقق الأمان في حال لم يتم حساب المدنيين الأفغان، فقد مات المئات منهم في تلك الفترة، ومنذ منتصف العام الحالي قتل حوالي 1.659 منهم. والحقيقة أن دعم التدخل سيكون في حال لم يستمر بقاء القوات الأميركية لأمد طويل. عندما قال رئيس هيئة الأركان الجنرال إريك تشينسكي إن الحرب في العراق تحتاج إلى مئات الآلاف من الجنود في مرحلة ما بعد الغزو رفض جورج دبليو بوش هذا التقييم؛ لأنه كان يعرف أن الرأي العام لن يقبل هذا الرقم. واعتبر نائب وزير الدفاع في حينه بول وولفويتز كلام الجنرال بأنه “مفرط”، إلا أن الأحداث أثبتت صحة كلام تشينسكي.
ويجب تذكر موقف الرأي العام الأميركي حول التدخل الطويل عندما يدعو جمهوريون مثل كوتن وتشيني لإظهار القوة المفرطة من الشرق الأوسط إلى مضيق تايوان. وعلى الولايات المتحدة الترحيب باللاجئين والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان حول العالم. ولكن على قادة أميركا الاعتراف بمحدودية العدوانية والسياسة الخارجية الداعية إلى التدخل، ليس لأن الرأي العام لا يدعمها، بل لأن عقودًا من التدخل في الخارج أظهرت أنها نادرًا ما تنجح.
ويجب أن يكون التعاون، وليس المواجهة هو الحل. كما أن جذور هذا الانسحاب الكارثي نابعة من أكبر نقاد الإدارة، واتباع نصيحتهم يعني تكرار الكارثة.

      النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى