الحدث

المداورة عالقة عند الشيعة… قبل السُنّة

 

كريستال خوري -أساس ميديا

حتى الآن، تأكّد أن لا تأليف سريعاً، وما كان يراهن عليه رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي لدفع شركائه، وتحديداً الفريق العوني، تحت وطأة الزلزال الاقتصادي- الاجتماعي، إلى تسريع قيام حكومة إنقاذية… تبيّن أنّه وهمٌ لا أكثر. اعتقد الأوّل أنّ وصول سلفه، سعد الحريري في مفاوضاته مع الرئاسة الأولى، وخلفها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، إلى حائط مسدود سيزيد حكماً من أعباء النهوض بالبلد، قد يكون درساً وباب إنقاذ لدخوله السراي الحكومي.

الأكيد أيضاً أنّ ميقاتي متحمّس جدّاً لجلوسه محلّ حسان دياب، وهو المتأكّد أنّ الجهود الإنقاذية لم تعد مستحيلة أو حتى صعبة جداً بعدما فرض الانهيار الشروط التي كانت تخشى الحكومات المتعاقبة فرضها، كتحرير سعر الصرف مثلاً، أو رفع الدعم، وهو الضريبة الأكثر وجعاً وصعوبة. وقد فرضها من دون منّة أيّ حكومة. وعليه، يرى ميقاتي أنّ مهمّته لم تعد ذات كلفة شعبية. بالعكس تماماً، أيّ قرار سيتّخذه سيحمل طابعاً إنقاذياً بعدما بلغت الأوضاع قيعاناً غير مسبوقة.

ولهذا سيقوم الرجل بمجهود استثنائي لتذليل العقبات. ولهذا أيضاً لا يُبدي الفريق العوني أيّ ليونة في شروطه ومطالبه، ولا سيّما أنّها آخر حكومات العهد وآخر فرص القيام بإنجاز ما يمهِّد للمرحلة المقبلة. وعلى هذا الأساس يقول بعض العونيين إنّ واحداً من الشروط غير المعلنة، التي يضعها رئيس الجمهورية على طاولة التفاوض مع رئيس الحكومة المكلّف، هو دور هذه الحكومة لكون الأول يرفض أن تكون حكومة انتخابات فقط، وأن تمتنع في المقابل عن خوض غمار الإنقاذ المالي والاقتصادي لتضع خطة واضحة للمرحلة المقبلة، وأن تكتفي فقط بتطويق الانهيار من دون الشروع في حلول إنقاذية بعيدة المدى.

من هنا، يُطرح مستقبل حاكمية مصرف لبنان على الطاولة، التدقيق الجنائي، وغيرهما من القضايا المالية التي يريد ميشال عون حسمها قبل الخوض في أسماء الوزراء والتوزيع النهائي للحقائب، بالتزامن مع مطلب المداورة في الحقائب السيادية التي تعدّ شرطاً أساسياً بالنسبة إلى عون، لا تراجع عنه.

وعلى الرغم من سلبيّة المشهد التي تحيط بمشاورات التأليف، إلا أن بعض المتابعين يعتقدون أنّ ميقاتي لا يمانع المداورة بالمطلق، ولكنّه مكبّل بالسقف الذي وضعه نادي رؤساء الحكومات السابقين، وهذا ما يحول دون مضيّه في هذا المشروع، ولهذا يرجّحون أن ينتقل في مفاوضاته من الضفة العونية إلى ضفة رفاقه في النادي لطرح المسألة عليهم بعدما تأكّد أنّ عون ليس في وارد التراجع عن موقفه بفرض المداورة، فيطرح المعادلة على طاولتهم على النحو الآتي: الاعتذار أو التسهيل في سبيل التأليف؟

وفق هؤلاء، ليست العقدة فقط في مقلب الفريق السنّيّ، وإنّما أيضاً لدى الثنائي الشيعي الذي يرفض التخلّي عن حقيبة المال، ولو أنّ بعض العونيين يشيرون إلى بوادر إيجابية في هذا السياق من شأنها أن تحرِّك المياه الراكدة. إلا أنّ المطّلعين على موقف الثنائي الشيعي ينفون أن يكون هذا التطوّر في المحادثات الحكومية قد وصل إلى بند المداورة، مشيرين إلى أنّ ثمة عِقَداً كثيرة “على الدرب”، مؤكّدين أنّ التخلّي عن وزارة المال ليس مطروحاً بالأساس.

في النتيجة، ثمة أسبوع حاسم قد يحدِّد اتجاهات المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا امتنع ميقاتي عن تمديد مهلة التأليف، وقرّر رفع سقف ضغوطاته إلى درجة رمي ورقة الاعتذار بوجه رئيس الجمهورية، ليكون الثالث الذي يعجز عن مجاراة مطالب الفريق العوني. وهي معادلة يعتقد أعضاء نادي رؤساء الحكومات أنّها قد تحرج رئيس الجمهورية وتدفعه إلى تسهيل مهمّة رئيس الحكومة المكلّف بعض الشيء… إلا أنّ التجربة لم تثبت إلّا العكس تماماً.

وفق المواكبين، لم يكن الفريق العوني متحمّساً لتسمية ميقاتي، ولم يبدّل رأيه، على عكس الأجواء الطيّبة التي تسود لقاءات التأليف. وما يحصل من مناورات حول المداورة وتوزيع الحقائب ليس إلا من باب كسب الوقت وتضييع الناس، لأنّ عون لن يسهّل مهمّة ميقاتي، فيما الأخير يعرف جيّداً أنّه لن يصل إلى السراي الحكومي، وسينتهي مشوار تسميته عند تقديم الاعتذار، والانتقال إلى صفّ توجيه أسهم الاتهامات بوجه رئاسة الجمهورية، بالتكافل والتضامن مع “تيار المستقبل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى