تحقيقات - ملفات

نقاشٌ «ساخن» حول المداورة وميقاتي يشكو عون للفرنسيين: التأليف «يترنّح» الجيش «ينزع» فتيل التفجير في خلدة بإجراءات حاسمة وحزب الله «مرتاح» «تهيّب» أمني في ذكرى تفجير المرفأ دون «هلع»… وجهوزية للمقاومة جنوبا

ابراهيم ناصر الدين- الديار

ساهمت الاجراءات الحاسمة للجيش الذي حصل على «التغطية» السياسية اللازمة في اعادة الهدوء الى منطقة خلدة، وساهم توقيف «الراس المدبّر للكمين» عمر غصن ونجله في نزع «فتيل التفجير»واشاعة اجواء ارتياح انسحبت على حزب الله الذي يعول على استكمال الاجراءات بوضع خطة محكمة لمنع «العصابات» المسلحة من الاعتداء مجددا على طريق الساحل جنوبا… في هذا الوقت وفيما «تتهيب» الاجهزة الامنية يوم الرابع من آب، الذكرى الاولى لتفجير المرفأ، دون وجود «هلع» أمني كبير، توعّد اهالي الضحايا بمعركة «كسر عظم» مع السلطة التي اخفقت مرة جديدة في منح اللبنانيين «بارقة أمل» حكومية بعدما انتهى الاجتماع المرتقب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى «لا شيء» وبدا ان فرص تأليف الحكومة تترنح وسط غياب اي جدية دولية وخصوصا فرنسية في ممارسة ضغوط فاعلة على من تسميهم «معرقلين» وهو ما لمسه ميقاتي الذي اشتكى عون ولم يسمع ما يطمئنه.

«احباط» حكومي
فعلى وقع بدء اسرائيل مناورة عسكرية على الحدود الجنوبية، واستنفار المقاومة لمواجهة أي «مفاجآت»، اصطدمت «مراوغة» ميقاتي المسماة تدوير الزوايا، «بحائط» الواقعية السياسية في بعبدا، وبعد ثلاث جلسات من «النفاق» المتبادل بينه وبين رئيس الجمهورية تسلل «الاحباط» الى كل من راهن على امكانية الوصول الى تسوية مقبولة توقف الانهيار عبر حكومة متوازنة تنهي العهد الرئاسي وتطمئن الجميع على مواقعهم في حال حصول الفراغ.

10 ايام للاعتذار؟
وقد تبين في الجلسة الرابعة ان الرئيس المكلف يحمل في «جيبه» خطوطا حمراء ينسبها الى سلفه «المعتذر» سعد الحريري، ويدعي انه غير قادر على التنازل عنها. ولهذا يمكن الحديث عن «حائط مسدود» على صعيد التشكيلة الحكومية، وفي تعبير عن تراجع فرص التأليف كان لافتاً توجيه ميقاتي انتقاد علني واضح لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي من قصر بعبدا بالقول»ان مهلة التأليف غير مفتوحة ويفهم يللي بدو يفهم»وقد عممت مصادره معلومات تفيد أن هذه المهلة هي بحدود 10 أيام لا اكثر.

ميقاتي يشكو عون للفرنسيين!
وفي هذا السياق، علم ان ميقاتي تواصل مع باريس بعد لقاء بعبدا، وابلغ المسؤولين الفرنسيين ان الامور «مش ماشية» لانه سمع كلاما «غير مقبول» من قبل رئيس الجمهورية الذي ما يزال يبحث عن «ثلث معطل» مقنع في الحكومة، ولا يبالي بكل «التطمينات» الشخصية المقدمة منه بالنسبة الى مهمة الحكومة وطبيعة عملها الانقاذي في المهلة الضيقة المتاحة.

ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، يشكو ميقاتي من غياب ضغط فرنسي جدي، كان قد وعد به قبل قبوله التكليف، وقد سمع بالامس وعودا بالتحرك على خط بعبدا للضغط باتجاه عدم اجهاض الفرصة الانقاذية المتاحة، وقد سمع ميقاتي كلاما واضحا حول ضرورة التريث قبل اتخاذ قرار بالاعتذار، لكنه كان واضحا انه لا يرغب «بحرق اصابعه» بطبخة «بحص»، ملمحا انه يعطي الاتصالات هامشا لا يتعدى العشرة ايام او اسبوعين للتأليف، وبعدها سيكون مضطرا لمصارحة اللبنانيين بتجربته «المريرة» ويعلن اعتذاره.

لا رهان على الفرنسيين
وفي هذا السياق، دعت مصادر سياسية بارزة الى عدم الاتكال على الضغوط الفرنسية، فالعقوبات التي تلوّح بها فرنسا والاتحاد الأوروبي غير فاعلة، فهما يلوحان بعصا العقوبات ولا يضربان بها، وبات»التلويح» بها مجرد دعم لمجموعات منظمات المجتمع المدني اضافة الى توفير الدعم المالي لها لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، وهي لم تعد مهتمة بالضغط لتشكيل الحكومة. فهناك من يوهم الغرب ان تلك المجموعات قادرة على إعادة تكوين السلطة في لبنان، والدليل على ذلك ان تنظيم المؤتمر الدولي لدعم لبنان يمهد لتوفير رزمة من المساعدات للمؤسسات والهيئات المنضوية في المجتمع المدني.!

«هواجس» في بعبدا
ووصفت مصادر مقربة من بعبدا ما يحصل على الصعيد الحكومي بانه رفع لسقف الضغوط من قبل ميقاتي على رئيس الجمهورية،علّها تفيد في تحصيل المكاسب، واستدراج ضغوط خارجية، وذلك عبر الايحاء بأن التأخير سببه مطالب الرئاسة الاولى، وبان عون يحاول تمييع الوقت بينما هو يريد الاسراع في تشكيل الحكومة، بينما الامور هي عكس ذلك، فالرئاسة الاولى لا تزال، كانت حتى يوم امس تتعامل بحسن نيّة مع تصدي ميقاتي لمسؤولية تشكيل الحكومة، وباتت لديها «هواجس» الان، فهو كان جزءا من عملية التفاوض ابان تكليف الحريري، بصفته احد اعضاء نادي رؤساء الحكومة السابقين، وكان يفترض ان يعرف ما هو مقبول وغير مقبول في بعبدا، لكن المفاجىء انه عاد الى طرح الافكار المرفوضة سابقا مع تغيير في الاسلوب، رغم ادراكه ان لا شيء تغير لدى رئيس الجمهورية الذي كان يتعامل مع الحريري انطلاقا من مبادىء عامة عنوانها وحدة المعايير، واحترام الشراكة، ولم يكن الامر شخصيا، ولهذا فان الاصرار على خوض غمار النقاش نفسه هو المماطلة والتمييع وليس اي شيء آخر.

ميقاتي يناقض المبادرة الفرنسية؟
في المقابل، تشير مصادر متابعة لعملية التاليف، بان تمسك بعض الاطراف بحقائب وزارية محددة دون اخرى يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها جميع الاطراف بعدما طرحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتي تدعو في احد ابرز نقاطها الى اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية، وهذا التجاهل خلق اشكاليات في مسار تشكيل الحكومة ويسبب في تاخير ولادتها. وذكرت المصادر ان الصيغة للتشكيلة الحكومية التي قدمها الحريري اعتمدت مبدأ المداورة في الحقائب ما عدا حقيبة المال، فاعطى وزارة الخارجية لدرزي، والداخلية للروم الارثوذكس، واقترح وزيرا ارمنيا للدفاع. الا ان الامر تغير في الصيغة الثانية للحكومة التي قدمها قبل ان يعتذر. واعتبرت المصادر نفسها ان التزام المبادرة الفرنسية من قبل الاطراف السياسيين بدءا من احترام المداورة في توزيع الحقائب يشكل الحل الطبيعي للعقد القائمة التي تؤخر ولادة الحكومة، والمطلوب اعتماد المداورة، وعدم التمسك بحقائب معينة.

نقاش «ساخن» بين عون وميقاتي!
في هذا الوقت، واضافة الى كل ما تقدم من خلافات، تشير معلومات «التيار» الى ان حقيبة الداخلية لا تزال العقدة الرئيسية، وقد دار نقاش «ساخن» بين رئيس الجمهورية وميقاتي حول المداورة، وابلغه انه لن يتخلى عن مطلبه بالحصول على هذه الوزارة، ورفض ان يسمي احد غيره الوزير المسيحي الذي سيتولاها، في المقابل ابلغه ميقاتي ان ثمة قرار اتخذ بالاجماع من قبل رؤساء الحكومات السابقين بعدم التخلي عن هذه الحقيبة وهو غير قادر عن «قناعة» بان يتنازل عن هذا السقف، واقترح عدم المداورة في هذه الحكومة وفي الحقائب السيادية لتقليل حجم الخلافات، لكن الرئيس عون كان حاسما لجهة عدم موافقته على هذا المبدأ «غير المفهوم» لجهة تكريس اعراف غير دستورية، وقال له صراحة اريد جوابا واضحا عن سبب استجابتك لتمسك رئيس مجلس النواب نبيه بري بوزارة المال، وطلب رؤساء الحكومة السابقين بوزارة الداخلية، فيما انا من املك حق الشراكة معك بالتاليف وبيدي التوقيع على مراسيم الحكومة، الا يحق لي المطالبة بحقيبة وزارية سيادية تكسرعرفا وتعيد احياء المداورة في الحقائب؟ فكان جواب ميقاتي بان طرح الامور من هذه الزاوية يعقد الامور ويعيدها الى «نقطة الصفر»، مشددا على انه لا يملك بين يديه اي مخرج تسوية حيال هذا الملف، طالبا المزيد من الوقت «للتشاور»، وهكذا انتهى اللقاء بـ 25 دقيقة «غير منتجة».

وكان الرئيس المكلّف من اللقاء مشيعاً أجواء غير مشجعة هي اقرب الى «القتامة»، شاكيا البطء في سير عملية التأليف، وقال» كنت أتمنى أن تكون الوتيرة أسرع في تشكيل الحكومة، وكنت أتمنى أن تُشكّل هدية للبنانيين قبل 4 آب الذي هو نكبة كبيرة للبنان، لكن الرئيس عون لديه ارتباطات الثلثاء ولهذا السبب سنجتمع يوم الخميس المقبل.

«كمين» خلدة
بعد ساعات على كمين خلدة الدموي، ونجاح حزب الله في وأد الفتنة بعدم الانجرار وراء من سعى الى جر البلاد الى مواجهة دموية، على الرغم من خسارة 4 من مناصريه، ساد الهدوء في المنطقة بعدما ضرب الجيش بيد من حديد، واتخذ اجراءات حاسمة أدت الى توقيف «الراس المدبر» للكمين المعروف بالشيخ عمر غصن ونجله غازي بعدما تحصنا لمدة خمس ساعات في احد مساجد المنطقة، كما تم توقيف عدد من المتورطين في الجريمة، ومن بينهم متهم سوري الجنسية يدعى م. خليل، وتجري التحقيقات معهم في مديرية المخابرات باشراف الاجهزة القضائية المختصة، وعلم في هذا السياق ان لائحة المتهمين الرئيسيين تضم 15 مسلحا. تجدر الاشارة الى ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، كلف مخابرات الجيش بإجراء التحقيقات الأولية والتحريات والاستقصاءات اللازمة لتوقيف المتورّطين في أحداث خلدة، بدءاً من قتل شبلي، وصولاً إلى الاشتباكات التي حصلت، وقد باشر عقيقي تحقيقاته بإشراف مباشر من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات.

ما هو موقف حزب الله؟
وفي هذا السياق، اكدت مصادر حزب الله «للديار» ان الاسراع بتوقيف القتلة سرع بحصول بالتهدئة، واشادت بتحرك القوى الامنية وخصوصا الجيش الذي اتخذ تدابير حاسمة بعد الكمين المسلح، والمطلوب الان جدية في التعامل مع المتورطين وانزال القصاص العادل بحقهم، وهو امر سيمنع التدهور الامني خصوصا اذا ما تم اتخاذ اجراءات جدية باتت ضرورية لحماية الطريق الساحلية. ولفتت تلك الاوساط الى ان المعطيات حتى الان تشير الى تهيب القوى السياسية لما حصل، وحتى الان، لم يتجرأ احد على تغطية من افتعلوا الجريمة، وسيتابع الحزب المسار الامني والقضائي كي لا يحاول احد لاحقا حرف الامور عن مسارها الطبيعي. وكان حزب الله قد شيّع في بلدة كونين علي شبلي، كما جرى في بلدة بوداي في بعلبك تشييع زوج شقيقة شبلي، محمد أيوب الذي قضى خلال الكمين الذي تعرض له موكب تشييع شبلي من أمام منزله في خلدة.

«تهيب» امني
من جهته ترأس وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، في مكتبه قبل ظهر امس، اجتماعا لمجلس الامن الداخلي المركزي، وخصص البحث لمناقشة الاوضاع الامنية في البلاد والاجراءات المتخذة لحفظ الأمن في الرابع من آب. ووفقا للمعلومات تطرق المجتمعون الى الاحداث الاخيرة التي حصلت في خلدة، وطلب الى الجيش تكثيف انتشاره حماية للمواطنين والسلم الاهلي، والى الاجهزة الامنية تنفيذ دهم لتوقيف المتورطين بافتعال الاشكال. وفي هذا السياق ثمة «تهيب» للتحركات في ذكرى انفجار المرفأ، لكن لا معلومات امنية حول وجود مخاطر داهمة يمكن ان تؤدي الى اهتزاز امني واسع، مع الاخذ في عين الاعتبار امكانية حصول مواجهات مع التظاهرات التي ستخرج بالمناسبة، وفي هذا الاطار أكد فهمي اهمية التنسيق بين الاجهزة الامنية والعسكرية كافة، مشددا على وجوب حماية المتظاهرين والاملاك العامة والخاصة على حد سواء. ولفت الى أن «القوى العسكرية والامنية ستعمل على منع الاخلال بالأمن».

مواجهة «كسر عظم»
وعشية الذكرى الاولى لجريمة انفجار المرفأ، لا يزال الاستثمار السياسي على اشده بين الاطراف السياسية التي تتبارى في عقد المؤتمرات الصحافية، وتحاول استغلال مآسي اهل الضحايا، وفيما نفى القاضي طارق البيطار قيامه باي زيارة الى بعبدا، أمهل المتحدث باسم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، ابراهيم حطيط، المسؤولين «30 ساعة ليروا ماذا يريدون أن يفعلوا في مسألة الحصانات والأذونات»، وقال «أتمنى أن تفكروا بشكل صحيح لمرة واحدة». وحذر «من أن زمن التحركات السلمية الروتينية انتهى والتوجه اليوم نحو تحركات «كسر عظم».

المساعدات 350 مليون دولار؟
وبينما سيسود الاقفال كل القطاعات في 4 آب حدادا، يواكب المجتمع الدولي الذكرى الاولى لجريمة العصر بمؤتمر دعم للبنان تقيمه باريس والامم المتحدة، واعلنت باريس ان الهدف هو فقط جمع 350 مليون دولار يحتاجها لبنان، وهو ما اعتبرته مصادر مطلعة مبلغا ضئيلا لا يواكب التحديات الصعبة التي تمر بها البلاد، وهو امر يشير الى ان عملية انقاذ لبنان ليست على اجندة المجتمع الدولي الذي لا يريد موته لكن مع ابقائه في غرفة العناية الفائقة…!

«مناورات» واستنفار
في هذا الوقت، نفذ حزب الله استنفارا عاما على طول الحدود الجنوبية، مؤكدا جهوزيته لمواجهة اي عملية اسرائيلية مباغتة، تزامنا مع مناورات اسرائيلية انطلقت بالامس وتستمر 48 ساعة تحت عنوان «اشعة الشمس»، وفيما استبعدت مصادر متابعة للاوضاع على الحدود اقدام اسرائيل على اي خطوة متهورة، اشارت الى ان المقاومة لا تترك اي امر «للصدفة»، وهي قامت «بتحركات» محسوبة في مقابل المناورة الاسرائيلية لافهام العدو ان الجهوزية تامة على المقلب الآخر.

وكان المتحدث باسم قوات الاحتلال أفيخاي أدرعي، قد اشار الى ان التمرين يندرج «ضمن التدريبات المخطط لها بالخطة السنوية لعام 2021 وهدفه فحص جاهزية القوات العسكرية ومدى استعدادها لأيام قتالية محتملة على الحدود مع لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى