الأزمة التي ستنتج من إلغاء دعم المحروقات ليست محصورة بارتفاع أسعار اشتراكات مولدات الكهرباء الخاصة، كونها ستصبح حكراً على الميسورين. فاستمرار المولّدات لن يكون مضموناً، بسبب التراجع الحتمي في أعداد المشتركين، لترزح الأغلبية الساحقة تحت عتمة طويلة. هنا، الحل الوحيد والأفضل والأقل كلفة على السكان والاقتصاد، كما على الدولارات الموجودة في مصرف لبنان… هو زيادة التغذية بالتيار الكهربائي من قبل مؤسسة كهرباء لبنان. وهو ما يتطلب استمرار مصرف لبنان في تأمين الدولارات لاستيراد الفيول اللازم لها. ولا بد من التذكير بأن كلفة إنتاج الكهرباء بواسطة المولدات تصل إلى نحو ضعفَي كلفة الإنتاج في معامل «كهرباء لبنان». ولأن السلطة السياسية متواطئة مع قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم القيام بواجبه لتأمين الدولارات لاستيراد حاجة كهرباء لبنان من الفيول، قررت وزارة الطاقة بدء البحث في زيادة سعر الكهرباء للمشتركين، وتقديم ذلك بصفته الحل السحري الذي سيؤمن التغذية بـ 16 ساعة يومياً! فبحسابات «الطاقة»، يمكن الفيول العراقي تأمين 10 ساعات تغذية يومياً لنحو أربعة أشهر. ولتأمين 6 ساعات إضافية يومياً، «يتوجّب علينا» زيادة أسعار الكهرباء، لتتمكّن المؤسسة من تأمين حاجتها من الأموال لشراء الفيول وفقاً لسعر الدولار في السوق. هذا هو الحل الوحيد الذي وجدت الوزارة نفسها معنية بدرسه، بدلاً من أن يجتمع مجلس النواب ويفتح اعتمادات لشراء حاجة معامل «كهرباء لبنان» من الفيول، ولإجبار رياض سلامة على تأمين الدولارات اللازمة لها وفق السعر الرسمي الذي لا يزال يعتمده في التعامل مع المصارف، كما إلزامه بتأمين حاجة المؤسسة من أموال لضمان استمرار تشغيل المعامل. هذا الخيار هو الأفضل والأمثل لتخفيف حدة الانهيار، بسبب الحاجة الملحّة إلى الطاقة لتشغيل الاقتصاد وكل مجالات الإنتاج، فضلاً عن الحاجة الحيوية إلى الطاقة في القطاع الصحي والاستشفائي. كما أن استمرار دعم أسعار الكهرباء، وتأمين استقرارها بالقدرة الإنتاجية القصوى لمعامل كهرباء لبنان، سيكون وسيلة لتخفيف حدة الانهيار عن جميع السكان، الذين تُركوا في حالة سقوط حر نحو الفقر المدقع بعد قرار وقف دعم استيراد المحروقات، وفي ظل أسوأ أزمة اقتصادية ومالية ونقدية شهدتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية، بحسب تقديرات البنك الدولي.