أخبار عاجلة

احذر فما تفعله اليوم سيرتد عليك

بالنّسبة للعديد من المعتقدات الدينية ومن بينها الشرائع السماويّة: الإسلام والنصرانيّة واليهوديّة، فإنّ الإله هو المسؤول عن العقاب والثواب على الأعمال والنيّات، أمّا بالنسبة للعديد من المعتقدات الهنديّة، فيعدّ قانون الكارما السببيّ قانونًا أخلاقيًّا طبيعيًّا مستقلًّا، بحيث يكون الجزاء من جنس العمل، ولا يوجد تدخُّل إلهيّ أو أيّ وسيط خارجي للنتيجة المترتبة على الأعمال والنيّات من عقابٍ أو ثواب.

الكارما مصطلح مشتقّ من الكلمة السنسكريتيّة كرمان، والتي تعني العمل، وقانون الكارما هو القانون السببي العالمي، ويُعنى هذا القانون بمبدأ السّبب والنتيجة، بحيث أنّ الأعمال والتصرّفات والنيّات التي يقوم بها ويتبنّاها الأشخاص في الوقت الحاضر، تُحدّد وتُفسّر نمط وطبيعة الأعمال والحياة المستقبليّة في بُعدها الأخلاقي.

إنّ الكارما هي مفهوم موجودٌ في العديد من الديانات الشرقية القديمة وهو رغم اختلاف معانيه بين تلك الأديان يُوضّح العلاقة بين أفعال الماضي وحاضرنا وبين أفعالنا في الحاضر والمستقبل، وفي البوذية يُستخدم المثال الزراعي القائل بأنّ “زراعة فعل جيد أو سيء سيؤدي لنمو فاكهة جيدة أو سيئة”.

وفقاً للكارما فلا يمكن أن تقوم بأي فعل دون أن تتعرض للعواقب والنتائج المترتبة عليه فلا يمكن التملص من أفعالنا ويجب أن نُدرك عواقب ما نقوم به، وفي بعض المدارس الفلسفية فإنّ الكارما ترتبط أيضاً بمفهوم التناسخ حيث يُعتقد أنّ الكارما تنتقل مع الروح من حياةٍ لأخرى وبذلك تكون شخصية الفرد مرتبطةً بالكارما الخاصة منه من أفعالٍ قام بها في حياةٍ مضت.
كما أنّ النوايا هنا لا تلعب دوراً في تغيير الكارما فلا يُهم إن فعلت شيئاً ما بقصد أو دون قصد لأنّك ستتلقى العواقب في كلا الحالتين.

رغم أنّ الكارما ترتبط بما نقوم به من أفعال إلا أنّ هناك أنواع مختلفة من الكارما والتي تختلف في خصائصها بعض الشيء عن بعضها، لتسهيل الأمر فكر بالكارما من جديد على أنّها بذرة زرعتها وتذكر أنّ البذور المختلفة تحتاج لأوقاتٍ مختلفة كي تنمو وتنضج. يمكننا تصنيف الكارما وفق 4 أنواع رئيسية كالتالي:

_برارابها كارما: الكون يحتفظ بالأعمال السابقة للإنسان، ويردّها له أو عليه في الوقت الحاضر، وهذا ما يُفسّر كل ما يحصل للإنسان، وبالتالي فإنّ ما سيحصل بالمستقبل لم يتحدّد بعد وقابل للتغيير بحسب الأفعال الحاليّة.
_نشيتا كارما: سبب معاناة بعض الأشخاص، وتكرار حدوث نفس المشاكل وسوء الحظ، يعود لطريقة تفكير الشخص، ومجموع أعماله التي قام بها بنفس الطريقة ولم يحصد نتائجها بعد، وهي قابلة للتغيير بتغيُّر تفكير الشخص وتطوّر ذاته.
_عجمي كارما: الأعمال التي يقوم بها الإنسان في الوقت الحاضر، تُحدّد حياته المستقبليّة، ولذلك فلها أهميّة كبيرة، ويمكن للإنسان أن يُغيّر مستقبله للأفضل، من خلال إدراكه لأفعاله الحاليّة.
_فارتامانا كارما: تمثّل الإنسان بوقته الحاضر وحالته الرّاهنة، وإن أراد الإنسان تغييرها، فعليه القيام بعزم وجهد كبير دفعة واحدة، وبعد التأكّد من زوالها وكل ما يتعلّق بها، يمكن الحصول على واحدة جديدة مختلفة.

وبما أنّ كافة أفعالنا ومشاعرنا وأفكارنا تؤدي لتولد الكارما فمن الضروري أن نتعامل بحذرٍ مع أي شيء، ولكي نتجنب العواقب السيئة يجب أن نُدرك أولاً قوانين الكارما، لتسهيل الأمر عليك يمكنك أن تعتبر قوانين الكارما كمجموعة إرشادات عامة تُساعدك على غرس بذور الكارما الجيدة:

القانون العظيم: كل ما يقوم به المرء يعود إليه، ومن يريد الحصول على شيءٍ ما فليَجُد به على غيره، وهو ما يمثّل مبدأ السبب والنتيجة.
قانون الخلق: السعي للحصول على ما نريد.
قانون التواضع: تقبل الأمور قبل السعي لتغييرها.
قانون النمو: التغيير يبدأ بالنفس قبل السعي لتغيير الآخر.
قانون المسؤوليّة: الإنسان هو المصدر الأساسي لما يحصل له وحياته انعكاس لما بداخله.
قانون الاتصال: يرتبط المستقبل بالماضي والحاضر.
قانون التركيز: ترتيب الأهداف حسب الأولوية والتركيز على كل هدف على حِدة، فمن الصعب التفكير بفعاليّة في شيئين في الوقت نفسه.
قانون العطاء والضيافة: يجب أن تكون الأفعال على قدر الأفكار والمعتقدات وأن تكون انعكاسًا لهما.
قانون هنا والآن: التركيز على اللّحظة الحاليّة، وعدم التعلّق في الماضي أو الخوف من المستقبل.
قانون التغيير: سيستمرّ التاريخ بتكرار نفسه حتى يتعلّم البشر ما يحتاجونه لمستقبل أفضل، فالتغيير قائم على تصحيح الأخطاء السابقة.
قانون الصبر والمكافأة: الأعمال العظيمة تحتاج إلى صبر وجَلَد ومثابرة.
قانون الأهميّة والإلهام: على كل جهد مبذول مكافأة بحجمه، ولكلّ جُهد مهما كان بسيطًا أثر.

كيف تُزيل الكارما السلبية؟

تتضمن الكارما المتراكمة للروح كافة الجرائم والأفعال السيئة والخطايا والأفكار السلبية والالتزامات غير المنتهية والوعود التي لم تفِ بها وغيرها من أفعالٍ سلبية، هذه الكارما ستجعل الأشخاص يُعانون ويشعرون بالألم بشكلٍ مستمر لهذا من الضروري أن تعمل على إزالة هذه الكارما السلبية.
إزالة الكارما السلبية تحتاج إلى تنقية الفكر والندم على آثار الماضي مع بذل أقصى الجهد للتوقف عن التسبب بالأذى لنفسك وللآخرين، موقف التوبة هذا يُساعد على إضعاف بذور الكارما السلبية وتُنضج الكارما الجيدة.
لاحظ أنّ عليك التوقف عن إيذاء نفسك والآخرين لأنّ الحب والتعاطف يجب أن يشمل ذاتك أيضاً.

قانون الكارما في الإسلام

في الحقيقة يوجد بعض الجدل بشأن الكارما في الإسلام فهناك من يعتقد أنّ الكارما هي مفهوم وثني خبيث لا يجب اعتناقه لأنّه يرتبط بأديان شرقية كالهندوسية، لكن في المقابل يوجد من يعتقد أنّ فكرة الكارما موجودة في الإسلام، بالطبع تعاليم الإسلام لا تتضمن أي شيء عن تناسخ الأرواح فهذا الجزء من الكارما غير موجود ولكنّه في المقابل يتبنى الجزء الآخر المرتبط بالعلاقة بين الفعل والعقاب.
يوضح لنا القرآن بشكل واضح أننا جميعاً سنُحاسب على ما قمنا به في الحياة بحيث سنتلقى المكافآت على أفعالنا الصالحة وسنعاقب على خطايانا وذنوبنا، وقد ذُكر أنّ العقاب والمكافأة يمكن أن تكون في الدنيا أو في الآخرة. قال تعالى في سورة الإسراء: “وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا”.
من ناحيةٍ أخرى يؤكد القرآن على أنّ المسلمين لا يسعون للمعاناة كأحد أشكال التأديب الروحي للتخلص من الخطايا؛ “وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ” سورة غافر.
وأخيراً يمكن القول بأنّه لايوجد موقف إسلامي واضح بخصوص الكارما لأنّ بعض المسلمين يقولون بأنّه لا حرج من أخذ النواحي المتوافقة مع الدين الإسلامي في فكر الكارما، في حين أنّ القسم المقابل يُعارض ويقول أنّ هذا غير مبرر وأننا لسنا بحاجة لفكر الكارما أساساً ويكفينا اتباع تعاليم الإسلام فنحن لسنا بحاجة لتعاليم إضافية.

في النهاية… سواء كنت مؤمناً بها أم لا؛ يمكن لاتباع قوانين الكارما أن تُساعدك على تحسين حياتك وتطوير نفسك مع تعديل طريقة تعاملك مع الآخرين، أما في يتعلق بالعلاقة بين الكارما والأديان فمع عدم وجود أي موقف حاسم يبقى الأمر متروكاً لك لتقرر ما تراه صحيحاً.

ملك الموسوي 10/9/2021

 

عن admin

شاهد أيضاً

مأزق ( زوج سارة) ..

  🔴Abbas al mouallem 31-10-2023 لا تتوقف الانتقادات من كل الاتجاهات داخل الكيان العبري لبنيامين …