بداية الشهر الجاري، تقدّم المحقّق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بكتاب إلى أحد المصارف اللبنانية، يعبّر فيه عن رغبته بتسديد قرض، كانَ قد حصل عليه قبلَ 7 سنوات. وبحسب وثيقة يجري تداولها على نطاق ضيق، واطلعت عليها «الأخبار» فإن «القاضي طارق فايز البيطار وزوجته السيدة جولي أنطوان حاكمه كانا قد طلبا من البنك اللبناني – الفرنسي، منحهما قرضاً سكنياً بالتعاون مع صندوق تعاضد القضاة بقيمة مليار وعشرين مليون ليرة لبنانية، لشراء عقار في منطقة قرنة شهوان العقارية، وحصلا عليه عام 2014، على أن يتمّ تسديده خلال ثلاثين عاماً، أي في 2044». وبحسب الوثيقة، عبّر البيطار وزوجته عن رغبتهما بتسديد المبلغ المتبقي بذمتهما، بقيمة 800 مليون ليرة لبنانية، دفعة واحدة». وفي حسبة بسيطة على سعر صرف السوق، فإن قيمة المبلغ بالدولار تقارب الـ 50 ألف دولار.
وبالبحث عن عمل زوجة البيطار، تبيّن أنها صيدلانية تعمَل كمندوبة طبية في مؤسّسة «ميرك سيرولو» (مكتب علمي). وأشارت مصادر قضائية إلى أن القرض بقيمة مليار ليرة، عام 2014 (نحو 660 ألف دولار في ذلك الحين)، يمكن أن يحصل عليه البيطار «بضمان عمله وعمل زوجته، فيما لو كانَ دخلهما يسمَح بذلك، وهكذا قروض تُعطى عادة وهي مشروعة».
خطوة بيطار تأتي بعدَ أشهر قليلة من تولّيه ملف التحقيقات في قضية انفجار المرفأ، خلفاً للقاضي فادي صوان الذي أزاحته دعوى «ارتياب مشروع» تقدّم بها الوزيران السابقان المُدعى عليهما في جريمة المرفأ، النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، والتي على أساسها قرّرت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار نقل الملف من يده.

كما تأتي هذه الخطوة في عزّ المعركة المفتوحة بينَ البيطار وجزء من القوى السياسية، بسبب المسار الذي يتبعه المحقق العدلي في ما خصّ الادعاءات وإصدار مذكرات الإحضار، والتي عكست استنسابية واضحة في إلقاء المسؤولية على جهات معينة وتحييد جهات أخرى. ما وضَع القاضي تحتَ مجهر الاستفهام عن الخلفية التي ينطلِق منها في توجيه الادعاءات، التي تظهر استنسابية واضحة.
ويوماً بعدَ آخر، يتفاعل مسار الاستدعاءات التي يوجهها بيطار إلى المدعى عليهم. فبعدَ إعلان رئيس الحكومة السابق حسان دياب سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث سيبقى مدة 4 أسابيع كما أعلنَ أول من أمس، علمت «الأخبار» أن النيابة العامة التمييزية بعدَ إصدار البيطار مذكرة إحضار جديدة في حق دياب، لم تُرسِل المذكرة إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للتنفيذ، بل أرسلتها إلى جهاز أمن الدولة لتبليغ دياب بها. ومن المتوقع أن يجري تبليغ البيطار بأن دياب موجود خارج البلاد». وعلمت «الأخبار» أن مذكرة الإحضار التي أصدرها البيطار بحق دياب أثارت استياء دار الفتوى التي اعتبرت بأنها «تعدٍّ على موقع رمزي للطائفة السنية». وأشارت مصادر مطلعة إلى أن هذا الأمر جرى التداول فيه خلال الخلوة التي جمَعت أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالمفتي عبد اللطيف دريان، حيث جرى البحث في إمكانية إطلاق موقف في هذا الصدد».
وتتجه الأنظار اليوم إلى الجلسة المخصصة للاستماع إلى الوزير السابق يوسف فنيانوس، والتي جرى تأجيلها بعدَ أن تقدّم وكيلاه القانونيان بدفوع شكلية. وبحسب المعلومات «لن يحضر فنيانوس الجلسة، ومن المفترض أن ترسل النيابة العامة التمييزية للقاضي بيطار كتاباً جديداً تذكّره فيه بأن أمر الملاحقة هو من صلاحيات المجلس النيابي، ما قد يؤخر قراره بإصدار مذكرة إحضار أو توقيف في حقه».